في شهادتين متعارضتين قدّماها، مساء أمس الأول، إلى مجلس الشيوخ الأميركي، ادّعت الباحثة الجامعيّة كريستين بلازي فورد بأنها متأكّدة 100% من أنّ مرشّح الرئيس دونالد ترامب للمحكمة العليا، القاضي بريت كافانو، اعتدى عليها جنسياً خلال شبابها، بينما قدّم القاضي نفسه، خلال جلسة الاستماع إليه، على أنه رجل بريء.وبتأثر بالغ ودموع، دفع كافانو ببراءته من تهمة الاعتداء الجنسي التي وجّهتها إليه أمام المجلس الباحثة الجامعيّة، مُعتبراً ما يحدث في المجلس "وصمة عار"، ومؤكّداً أنّه لن يسحب ترشيحه إلى المحكمة العليا.
وأضاف كافانو، بغضب، "لا أحد سيُرغمني على الانسحاب من هذه العمليّة"، وذلك في مداخلة بعد ساعة من انتهاء الشهادة التي أدلت بها بلازي فورد، التي تتّهمه بالاعتداء جنسياً عليها حين كان في الـ17 من العمر، وكان عمرها هي 15 عاماً.وأردف مرشّح ترامب للمحكمة العليا أمام أعضاء لجنة العدل المؤلّفة من 21 سيناتوراً: "قد تهزمونني في التصويت النهائي، لكنكم لن تدفعوني للانسحاب... أبداً". وتابع: "أنا بريء"، بينما كان على وشك البكاء، وهو يتحدث عن تأثير ما يحدث على عائلته، وبالتحديد على ابنته البالغة من العمر 10 سنوات.وقال كافانو أيضاً: "أنا لم أعتدِ جنسيّاً على أحد، لا في المدرسة الثانوية ولا في الجامعة". وشدّد القاضي المحافظ، البالغ من العمر 53 عاماً، على أنّه طوال عمله كمحام، ومن ثم كقاض فدرالي لم يُوَجّه إليه أيّ اتهام البتّة.بعدها، أخذ كافانو يُفنّد اتّهامات فورد الواحد تلو الآخر، مشيراً إلى ثغرات في ذاكرتها، وإلى عدم قدرتها على تحديد الأمكنة والأوقات في شهادتها.وأجهش كافانو بالبكاء مراراً، أثناء تلاوته شهادته، في حين كانت زوجته تجلس خلفه في قاعة سادها صمت مطبق.وكرّر ترامب دعمه لكافانو، وكتب على "تويتر": "القاضي كافانو أظهر لأميركا لماذا سمّيته هو بالتحديد. لقد كانت شهادته قويةً وصادقة ومثبتة"، معتبراً أنّ "استراتيجية الديمقراطيين المدمّرة هي عار، وهذه العملية كانت خدعة بالكامل"، قائلاً إنه "يجب على مجلس الشيوخ التصويت!".
بلازي فورد
وفي وقت سابق، اتهمت بلازي فورد، تحت القسم، خلال جلسة استماع تاريخية في مجلس الشيوخ، كافانو بالاعتداء عليها جنسياً عام 1982، مؤكدة أنها تصرّفت بدافع من "الواجب"، رغم أنها "مرتعبة".وقالت المرأة (51 عاما) بثقة، وإن بصوت مرتجف، إنها واثقة "100 في المئة" أنّ كافانو حاول اغتصابها خلال سهرة للطلبة، إبّان فترة شددت على أنها غيّرت حياتها "جذرياً".وخلال الجلسة، قرأت بلازي فورد بكثير من التأثر تصريحات أُعدّت مسبقاً، قبل أن تستعيد رباطة جأشها خلال الأسئلة. وبدأت كلامها بالقول: "أعتقد أنّ من واجبي أن أقول لكم ما حدث معي، عندما كنّا أنا وبريت كافانو في المدرسة الثانوية".وأضافت: "اعتقدتُ أنّه سيغتصبني"، مشيرةً الى ما حدث في سهرة في صيف 1982 بإحدى ضواحي واشنطن. وقالت إنّ كافانو وصديقه مارك جادج، اللذين كانا "ثملَين"، عزلاها في غرفة، في حين كانت متوجّهة إلى الحمام، ودفعاها على السرير، ثم ارتمى بريت فوقها وحاول نزع ملابسها مع لمسها في كل مكان في جسدها، وكان "ثملاً تماماً".وادّعت أنه عندما حاولت أن تصرخ، أراد منعها فوضع يده على فمها، وهو ما قالت إنه ترك أبعد أثر على حياتها. وقالت: "لم أعد قادرة على التنفس، وظننت أنه سيقتلني بشكل عرضي".وروت أنّ أمراً آخر سيبقى "ماثلاً" في ذاكرتها، وهو "الضحكات المدوّية" للشابين في الغرفة، حيث "كانا يلهوان" غير آبهين بها. "كان أحدهما فوقي، في حين كانا يضحكان".ضحايا العنف
بعدها، وجّه أعضاء ديمقراطيون في المجلس أسئلة إلى بلازي فورد، وأثنوا على "شجاعتها" ووصفوها بأنها "مصدر إلهام" لجميع ضحايا العنف الجنسي.وقال السناتور ريتشارد بلومنتال: "أنا أصدّقك"، متهماً ترامب بالسعي إلى "خنق" القضيّة، عبر رفض تولّي الـ "إف بي آي" التحقيق فيها.أما الجمهوريون، وجميعهم رجال في لجنة العدل، فأوكلوا المهمة إلى المدعية المختصة ريتشل ميتشل.وكان الهدف عدم تكرار الأثر الكارثي لجلسة سابقة في 1991، عندما استجوب رجال بلهجة عدائية، امرأة اتهمت مرشحاً إلى المحكمة العليا.وفي نهاية الجلسة، التي استمرّت أربع ساعات، بدا السناتور لندسي غراهام غير مقتنع، وقال إنّ "اتهاماتها ضدّ بريت كافانو ليست مُسندة بأدلة كافية. أنا لا أشكّ في أنّ شيئاً ما حصل لها، لكنها غير قادرة على أن تحدد المنزل ولا المدينة ولا الشهر".لكنّ السناتور الجمهوري ريك سانتوروم، وهو من المحافظين، صرح لشبكة "سي ان ان" قائلاً: "يبدو أنها صادقة. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة إلى بريت كافانو".من ناحية أخرى، أرجأ ترامب إلى الأسبوع الجاري، اجتماعه المنتظر بشدّة مع نائب وزير العدل رود روزنستاين، الذي يُشرف على التحقيق الجاري في التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والمهدّد بالإقالة من منصبه بسبب تصريحات نُسبت إليه، ونفى صحّتها.