أنا من شفت الفوضى خارج المقصف المدرسي، وتدافع الطلبة، وقفز بعضهم على ظهور بعض، واستغلالهم لأصابعهم في بعض الحركات التكتيكية في سبيل الوصول إلى أهدافهم الدنيوية الرخيصة، أحسست أن شكل المستقبل سيكون غير مُبشِّر، ويبدو أن إحساسي القديم كان في محله، وكنت صاحب رؤية وأنا لا أدري، فها نحن اليوم نرى أن الضابط هو من يسرقنا، والحرامي هو من يحاضرنا في الشرف والنزاهة والأمانة وحسن الخُلق، والنصاب يطبل للحرامي المستشرف، ويتمنى لو كان هو الضابط، والأسد أكبر من الفيل، والمحامي يزور العدالة ويتلاعب بحقائقها، وأمين المستوصف يصبح وزيراً للصحة، والسليم يدعي الإعاقة والمرض، وحارس المرمى يعالج الكسور والإصابات، ولاعب الوسط يشرع للأمة، والنجم الهداف يضايقه الأغبياء والمتسلقون، وطبيب التجميل يشوه الخَلق والأذواق، والجاهل يصبح وزيراً للأدباء والمثقفين، والأمي يمنع الكتب عن العالِم، والغبي يتحكم في مصير الذكي، والأهبل لا يخجل من هبله بل يفتخر به، والسخيف ينافس السفيه على سرعة الوصول إلى الحضيض، والمجنون ينصح العاقل ويحدد له اتجاهاته، والمنافق يريد أن يتسلط على الصادق المنسجم مع ذاته، والمعارض المثالي في العلن موالٍ مستسلم في السر، والإنساني الحساس أمام الشاشة أو الميكرفون أكبر عنصري ابن كلب خلفهما، والفاشل يتبوأ المناصب ليشرف على المجتهد المثابر، و"الدالات" المضروبة بالديوانيات أكثر من الطاولات فيها، والغني أبخل من الفقير ولا يشبع أبداً من الجمع والتوفير، والفقير يتسلف ليقلد الغني فيدخل السجن، ومن أدوش رؤوسنا بالدعوات إلى التقشف والزهد والتخلي عن زينة الحياة الدنيا هو أكثر من يحب المال حباً جماً، فإذا كان يعنيكم فعلاً شأن المستقبل فلا تنتظروا أن يأتيكم الحل من السياسيين أو مجلس الأمة ولا الوزراء طبعاً ولا من أي مكان آخر، فقط اهتموا بالمقصف.
أخر كلام
نقطة: العودة إلى الجذور...
29-09-2018