لم يكن 2 سبتمبر الجاري يوماً عادياً بالنسبة إلى المصريين، فقد عاش أحفاد الفراعنة يوماً حزيناً لفقدانهم جزءاً مهماً من تاريخ بلادهم، جراء حريق هائل التهم المتحف البرازيلي العريق، الذي يربو عمره على 200 سنة، وكان يحتضن نحو 20 مليون قطعة أثرية متعلقة بتاريخ البرازيل ودول أخرى حول العالم.واحتوت المجموعة المصرية في المتحف على تابوت يرجع إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وقط محنط ومجموعة من الأقنعة والأوعية والتمائم والتماثيل، من بينها تمثال لسيدة مصرية صغيرة يعود إلى عام 1500 قبل الميلاد، وغيرها من قطع نادرة، لا يعرف على وجه الدقة، حتى الآن، حجم الخسائر التي طاولتها، وعما إذا كان بالإمكان ترميمها وإعادتها إلى مصر من عدمه.
خسارة فادحة
رسمياً، وجهت وزارة الآثار المصرية خطاباً إلى وزارة الخارجية المصرية، لإفادتها بتقرير مفصل وعاجل بشأن حالة الآثار المصرية الموجودة داخل متحف البرازيل بعد تعرضه لحريق هائل.وأعرب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، عن أسفه الشديد لما تعرض له متحف البرازيل، واصفاً الحادث بأنه «خسارة فادحة للبشرية والتراث الإنساني والتاريخي». وأعلن تضامن وزارة الآثار المصرية مع المتحف والاستعداد الكامل للتعاون وتقديم المساعدات الفنية والأثرية، وتوفير الخبرات في عملية ترميم القطع الأثرية في حال طلبت البرازيل ذلك.قاعدة بيانات
أعرب أمين عام اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف، عبد الرازق النجار، عن أمله في أن يتضمَّن المتحف المحترق قاعدة بيانات تُسجل عليها بيانات وتفاصيل القطع الأثرية للحفاظ على المعلومات التاريخية حولها، باعتبارها تراثاً عالمياً لا يُقدر بثمن.وطالب النجار بتبني مشروع لإنشاء قاعدة بيانات لجميع الآثار المصرية الموجودة بطريقة قانونية، مثلما هي الحال في متاحف العالم، بهدف متابعتها والحفاظ عليها وإتاحتها للباحثين والدارسين.برلمانياً، طالب أعضاء في مجلس النواب، بالحد من عرض الآثار المصرية في الخارج، مؤكدين أن حديث مسؤولي الآثار عن ضرورة وجود قاعدة بيانات لها في الخارج، لن يفيدنا بقدر الحفاظ على ما تبقى منها في مصر، باعتبارها أهم إرث للأجيال المقبلة.وقال عضو لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، يوسف القعيد، إن آثارنا تحتاج إلى تنظيم في العرض الخارجي، وإلى ترتيب لأولوية المعروضات، سواء في الداخل أو الخارج، مطالباً بوجود تأمين مالي ضخم على أية قطعة تُعرض في متحف خارج البلاد. بدوره، طالب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، طارق رضوان بضرورة توافر معايير لحماية القطع الأثرية في الداخل قبل عرضها في الخارج.مصير غامض
من ناحية أخرى، يبدو مصير القطع المصرية غامضاً، إذ لم تكشف السلطات البرازيلية حتى الآن عما إذا تمكنت من إنقاذ جزء من مقتنيات المتحف المحترق. وفيما يطالب علماء آثار مصريون بضرورة استرداد القطع المصرية وترميمها في القاهرة، قال وزير الآثار الأسبق زاهي حواس إن هذا الأمر غير وارد، لأن غالبية القطع الموجودة في الخارج خرجت من مصر بطريقة قانونية سواء عن طريق القسمة مع البعثات الأجنبية، أو في شكل هدايا من المسؤولين، إلى جانب أن الآثار المصرية كانت تُصدَّر إلى الخارج وتُباع رسمياً حتى عام 1973، مؤكداً أن القطع التي دُمرت في متحف البرازيل «ليست مسروقة»، بل بيعت رسمياً، لذلك لا تستطيع مصر استردادها وفقاً للقانون الدولي.أكبر متحف للتاريخ الطبيعيفي أميركا اللاتينية
تأسس المتحف الوطني البرازيلي في 6 يونيو 1818، ويعدّ أحد أكبر متاحف التاريخ الطبيعي في أميركا اللاتينية. تتعلق ملايين القطع التي كانت معروضة فيه بتاريخ البرازيل ودول أخرى، وضمّ كثيراً من مقتنيات أعضاء العائلة الملكية البرازيلية، إلى جانب أكبر نيزك عُثر عليه على سطح كوكب الأرض عام 1784، بخلاف أقدم بقايا آدمية وُجدت في أميركا اللاتينية، وحفريات ديناصورات وكائنات أخرى.كذلك ضمّ المتحف مومياء نادرة عُثر عليها في البرازيل وآثاراً للشعوب البرازيلية القديمة، ومئات القطع الفنية من الحضارة اليونانية والرومانية، ومومياء أخرى من شمال تشيلي وأكسسوارات زفاف تعود إلى حضارة الإنكا القديمة في أميركا اللاتينية.