في اليوم العالمي للترجمة... مطالبة باستراتيجية عربية فاعلة
يحتفل العالم باليوم العالمي للترجمة نهاية الشهر الجاري، وهو اليوم الذي أطلقه الاتحاد الدولي للمترجمين منذ عام 1991 تأكيداً على الدور المهم للترجمة في تبادل الثقافات والحوار بين الحضارات. بهذه المناسبة، تلقي «الجريدة» الضوء على حال الترجمة في العالم العربي ومهام المترجم.
يكشف واقع الترجمة أن الدول العربية مجتمعة تكتفي بترجمة نحو 3000 كتاب سنوياً، بينما يترجم الغرب عشرات الآلاف من العناوين، ذلك بحسب إحصاء حديث لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو»، الأمر الذي يراه مترجمون ونقاد «ركوداً» في حركة الترجمة مطالبين برؤية إستراتيجية عربية للنهوض بصناعة الترجمة.ويؤكّد هؤلاء على ضرورة نقل الآداب العربية إلى اللغات الأجنبية لما تحمل من مضمون ثقافي وحضاري، خصوصاً في ظل الوضع الراهن، إذا ارتبطت صورة العرب وحضارتهم في الغرب بالتيارات الإسلامية المتشددة والإرهاب للأسف.
أزمات الترجمة
يقول شيخ المترجمين الدكتور محمد عناني إن المشكلة ليست في الترجمة كما يقول كثيرون بل في النشر، فثمة جهود كبيرة للمترجمين في مقابل تضارب دور النشر المنوط بها نشر الكتب على أوسع نطاق.ويضيف أن أدب الأمة عموماً لا يقتصر على ذلك المكتوب باللغة القومية، بل يتضمَّن الأدب المترجم الذي يمثل رافداً يصبّ في النهر الأساسي للأدب العربي. ويرى أن التحولات المتتابعة والمتسارعة في وسائل التواصل بأنواعها كافة تقتضي أن يكون العرب مستعدين وقادرين على تطويع واستيعاب ظاهرة الحداثة بمعناها الواسع الكبير، من دون أن ينال ذلك من هويتهم الوطنية وخصوصياتهم الثقافية.ويقول ربيع مفتاح، رئيس لجنة الترجمة السابق في اتحاد الكتاب، إن الترجمة لدينا تتم بطريقة غير منطمة وبطيئة، ما ينتج عنها إنهاء عملية الترجمة في فترة طويلة، ويؤدي إلى تأخير عملية نقل الثقافات الأخرى ونتأخر في مواكبة العصر.ويضيف مفتاح: «في مصر نحتاج إلى ترجمة الكتب العلمية، نظراً إلى إقبال الطلاب على التعليم الأدبي وليس العلمي، لذا على الدولة أن تهتم بتنمية الدور الخاص بالخيال العلمي الذي يفرز نماذج بشرية فذة». ويتابع: «المترجم في مصر مهدور حقه أدبياً ومادياً، لأن المجتمع ينظر إليه باعتباره ناقلاً وليس مبدعاً، والعائد المادي قليل جداً. أشير هنا إلى أن الترجمة كانت أيام الخليفة المأمون توزن بالذهب نظراً إلى ما يقدمه المترجم من عمل شاق وصعب».وينتقد مفتاح اتجاه المترجمين إلى الروايات والكتب الأدبية، وتجاهلهم الكتب التي تتناول ثقافات الشعوب المختلفة. يقول مدير المبيعات في «المركز القومي للترجمة» في مصر، أحمد عبد الوهاب، إن الترجمة أحد أهم الأمور التي تثري الحياة الأدبية في العالم العربي، فهي جسر التواصل الثقافي بين الحضارات الغربية والبلاد العربية، إذ يجب الإطلاع على ما وصل إليه الآخرون. يترجم المركز أمهات الكتب وكتباً معاصرة من 33 لغة أجنبية إلى العربية، وتنال الكتب الأدبية حصة الأسد منها، ويعتبر نفسه جسر تقارب بين الثقافات الغربية والبلدان العربية.يضيف عبد الوهاب: «للأسف نحن العرب لا نترجم عدداً كافياً من الكتب مقارنة بالدول الغربية، لأسباب عدة أولها عدم وجود إرادة سياسية تجعل الترجمة من الأولويات في الحركة الأدبية، زد على ذلك نقص المترجمين عموماً والمتخصصين خصوصاً، فغالبيتهم أساتذة جامعيون لهم ارتباطاتهم والترجمة تأخذ وقتاً طويلاً منهم.احتفالات «القومي للترجمة»
احتفالاً باليوم العالمي للترجمة، أقام «المركز القومي للترجمة» في مصر برئاسة الدكتور أنور مغيث خمس حفلات توقيع لإصداراته الجديدة، وهي: «اليشم السائل» للمترجمة دعاء قنديل، و«العلم والفرضية» للمترجمة فاطمة اسماعيل، و«أساليب العلاج النفسي للأطفال والمراهقين» للمترجم محمد نجيب الصبوة، و«مئة عام من الأدب الروسي» للمترجم أنور إبراهيم، و«علم الذخائر اللغوية» للمترجم هشام المالكي. وقدم تخفيضاً 50 % على الإصدارات كافة.يُذكر أن اليوم العالمي للترجمة مناسبة يحتفل بها في 30 سبتمبر من كل عام، في عيد القديس جيروم مترجم الكتاب المقدس، والذي يُعتبر قديس المترجمين. يرعى هذه المناسبة «الاتحاد الدولي للمترجمين» الذي تأسّس عام 1953، وأطلق عام 1991 فكرة الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة، لإظهار اتحاد المترجمين في أنحاء العالم.وتعتبر الاحتفالية فرصة لعرض مهام المترجم ودوره المحوري في نقل الحضارات.
حركة الترجمة تعاني ركوداً والمترجم مهدور حقه