الكونسرفتوار الوطني في لبنان يرتدي حلة عصرية بهبة صينية
• معلم فني يرتقي بمستوى المرافق التعليمية العالية للموسيقى
في خطوة هي الأولى من نوعها في لبنان، تنفذ الحكومة الصينية مشروع بناء صرح جديد للمعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفتوار)، بعدما خصصت له مبلغ 220 مليون يوان صيني، أي ما يعادل نحو 31.9 مليون دولار من الهبات المقدمة من الحكومة الصينية. وكخطوة أولى على طريق التنفيذ عرض وفد رسمي صيني أمام وزير الثقافة د. غطاس خوري التصاميم الأولية لبناء المركز.
ترأس سفير الصين لدى لبنان جيانغ زنغ وي الوفد المكلف من الحكومة الصينية بوضع التصاميم الهندسية لمبنى جديد لمركز المعهد الوطني العالي للموسيقى «الكونسرفتوار»، وقدَّم عرضاً شاملاً عن التصوّر للبناء، ويتوقع وضع التصاميم النهائية خلال الأشهر المقبلة، والتنسيق مع الجانب الصيني فيما يتعلق باحتياجات التشغيل والصيانة. وأبدى الوزير غطاس خوري إعجابه بالتصاميم التي وصفها بالمميزة وتتماشى مع موقع المركز على البحر المتوسط، شاكراً للحكومة الصينية اهتمامها بتمويل هذا المعلم الثقافي الفني، ومؤكداً أهمية «العلاقات المميزة بين الصين ولبنان والتعاون القائم بينهما في المجالات المختلفة، لا سيما الثقافية والمتمثلة في بناء مركز الكونسرفتوار الذي هو بداية لمشاريع مستقبلية».بدوره أشار سفير الصين إلى أن الحكومة الصينية قررت مساعدة لبنان في بناء المعهد الوطني العالي للموسيقى للإسهام في الارتقاء بمستوى المرافق التعليمية العالية للموسيقى في لبنان وزيادة إمكانية تأهيل الموسيقيين من جهة وتحسين الخدمات الموسيقية العامة للجمهور، آملاً بأن يصبح هذا المشروع معلماً في سجل الصداقة الصينية – اللبنانية.
يذكر أن وزير الثقافة كان زار الصين ووقع بروتوكول تعاون ثقافي مع الحكومة الصينية وأكد في حفلة إطلاق مشروع بناء وتجهيز المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفتوار) في يناير الماضي في السرايا الحكومية أن الأخير يندرج ضمن مشروع درب الحرير، الذي أطلقته حكومة الصين الشعبية، لتقريب المسافات، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدول، وإحداث نهضة عارمة لكل دولة يمرّ بها. وأضاف: «بناء هذا المركز، يتيح للمعهد إمكانية التطور المثمر والإبداع الخلاق، لجهة قاعات تدريس الطلاب وتدريب الفرق الأوركسترالية المتنوعة، فضلاً عن انفتاح المركز على الجمهور العريض، لحضور البرامج الموسيقية المتنوعة، في قاعات العروض المجهزة بأفضل الوسائل اللوجستية والتقنية». عملاً ببروتوكول التعاون بين وزارتي الثقافة في الصين ولبنان. دعمت وزارة الثقافة سفر فرقة للرقص الفولكلوري اللبناني، وفرقة مختصة بعروض الدمى، للمشاركة في مهرجانات ثقافية في الصين، وتعمل بالتعاون مع السفارة الصينية، لتنظيم أسبوع ثقافي صيني، بالإضافة إلى افتتاح المركز الثقافي الصيني في بيروت.
لمحة تاريخية
أسس المؤلف الموسيقي اللبناني وديع صبرا (واضع لحن النشيد الوطني اللبناني) المعهد الموسيقي الوطني في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو معهد وطني عالٍ لتعليم الموسيقى في لبنان. منذ تأسيسه، أدى الكونسرفتوار دوراً ريادياً في نشر الثقافة الفنية ضمن شرائح المجتمع اللبناني، فقدم أمسيات موسيقية لأهم المؤلفين من خلال أوركسترا ضمت في البداية أساتذة الكونسرفتوار لغاية عام 2000 الذي شهد تأسيس الأوركسترا السيمفونية الوطنية (أصبحت عام 2010 الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية) والأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق -عربية.يضمّ الكونسرفتوار 14 فرعاً تغطي الأراضي اللبنانية وتتوزع على الشكل التالي: أربعة فروع في بيروت، وواحد في كل من جونيه، وضهور الشوير، وعين سعادة، وزحلة، وصيدا، وعاليه، وبعقلين، والبترون، وطرابلس، والشويفات، وزغرتا. وكان الكونسرفتوار افتتح في العام 2000 فرعاً له في سجن روميه .المهام والأهداف
تكملة للأهداف التربوية الموسيقية يعمل الكونسرفتوار ليكون مركزاً وطنياً للمحفوظات والأبحاث الموسيقية، ويحوي مجموعات عزفية مشكلة من الطلاب، بالإضافة إلى أوركسترا في كل من القسمين الشرقي والغربي.يقدم الكونسرفتوار سنوياً نحو 70 عرضاً فنياً تحييها الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية، والأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، ومجموعة موسيقى الجاز، ومجموعات مختلفة من موسيقى الحجرة.وديع صبرا
ولد وديع صبرا عام 1876 في بلدة عين الجديدة في جبل لبنان وتلقى علومه في مدرسة البنين الإنكليزية. تخرج في المدرسة الإنجيلية (الجامعة الأميركية). أحب الفنون منذ حداثته ودرس الموسيقى في بيروت. سنة 1892 سافر إلى باريس بغية إكمال دراساته الفنية، وأمضى سبع سنوات في الكونسرفتوار الفرنسي، وكان يحيي حفلاتٍ فنّيةٍ، لتأمين نفقات دراسته، ويعزف على الأرغن في الحفلات الدينية، واستمرت إقامته في باريس 16 سنة. سنة 1908 وضع النّشيد الوطني العثماني وفي سنة 1910 عاد إلى بيروت وأسّس دار الموسيقى، وهو أوّل معهدٍ موسيقيٍّ في لبنان. سنة 1918 سافر إلى اسطنبول فعيّنته الحكومة التركية مسؤولاً عن أساتذة المدرسة الموسيقية البحرية مدّة سنةٍ، ومنها سافر إلى مدينة باريس. خلال الحرب العالمية الأولى، نُفيَ إلى مدينة سيواس في الأناضول، لكن ما لبثت الحكومة التركية أن أطلقت سراحه، فعاد إلى بيروت وعمل أستاذ موسيقى في دار المعلمات ومديراً لموسيقى الجيش. لما كان البيانو الغربي لا يُخرج الأرباعَ الصّوتية على الأنغام الشرقية، سافر صبرا إلى باريس سنة 1922 وأجرى دراساتٍ توصل بنتيجتها إلى اختراع البيانو الشّرقي.لوديع صبرا أعمال موسيقية من أهمها: النشيد الوطني اللبناني، وأوبرا رعاة كنعان (أوّل أوبرا في اللّغة التّركية)، وأوبرا الملكين (أوّل أوبرا في اللّغة العربية)، فضلاً عن 30 لحناً شرقياً. وآخر ما لحّنه الأناشيد الثلاثة: «ذكرى الأم» من نظم الشّاعر شبلي الملاط، و«أمّنا الأرض» من نظم رشدي المعلوف، و«انتهى كل شيءٍ» من نظم الشّاعر سعيد عقل.توفي وديع صبرا في 11 أبريل 1952 ودفن في مقبرة أسرة صبرا في المدفن الإنجيلي الوطني في رأس النبع في بيروت.
تجهيز الكونسرفتوار يندرج ضمن مشروع درب الحرير الذي أطلقته حكومة الصين الشعبية
أسس المؤلف الموسيقي اللبناني وديع صبرا (واضع لحن النشيد الوطني اللبناني) المعهد الموسيقي الوطني في ثلاثينيات القرن الماضي
أسس المؤلف الموسيقي اللبناني وديع صبرا (واضع لحن النشيد الوطني اللبناني) المعهد الموسيقي الوطني في ثلاثينيات القرن الماضي