حالة الهوس بالحضارة الفرعونية وأسرارها، تنامت في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعد اكتشاف تابوت أثري عمره ألفي عام، في مدينة الإسكندرية الساحلية، مطلع يوليو الماضي، أشيع أنه يعود إلى الإسكندر الأكبر، وأن فتحه سيؤدي إلى إعتام العالم لمدة ألف سنة. ولكن بعد أقل من شهرين أفصحت وزارة الآثار المصرية عن مكنون التابوت، إذ تبين بعد فتحه وتحليل خبراء لمحتوياته، أن في داخله ثلاث مومياوات متحللة لرجلين وفتاة عشرينية.

وتجدد الهوس أخيراً، بعدما أعلنت وزارة الآثار قبل أيام اكتشاف تابوت جديد داخل مقبرة تعود إلى العصر المتأخر، لكن هذه المرة في مدينة أسوان (أقصى جنوب مصر) ومنبع الجدل أن خبراء في مجال الآثار وصفوا التابوت بأنه «كنز أثري عظيم». وانعكس ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نشر نشطاء على صوراً للتابوت الجديد ومحتويات المقبرة الأثرية، التي ضمت قطعاً أثرية لا تقدر بثمن. وقال بعض المدونين المهتمين بالآثار المصرية القديمة: «هذا الكنز يجب أن يحظى باهتمام كبير من وزارة الآثار، وأن تُعرض القطع بطريقة تليق بقيمتها التاريخية والفنية والأثرية».

Ad

الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، قال إن التابوت أُسِّس داخل إحدى المقابر التي كُشف عنها خلال المسح الأثري الذي أجري في الطريق الغربي المؤدي إلى مدينة وضريح أغاخان، موضحاً في تصريحات إعلامية، أن البعثة نجحت في اكتشاف ما تبقى من تابوت فخاري، وأجزاء من لوحة حجرية مزينة بنقوش وكتابات هيروغليفية.

في السياق، قال مدير عام منطقة أسوان الأثرية، عبد المنعم سعيد، إن البعثة أثناء التنظيف الأثري للمقبرة وجدت مجموعة من المومياوات دُفنت بطريقة عشوائية وغير منظمة، لافتاً إلى أن البعثة لا تزال تواصل أعمال الحفر.

ومع استكمال أعمال الحفر اكتشفت البعثة أيضاً غرفة مستطيلة مساحتها 3 × 5 أمتار، تضم رأس تمثال مصنوع من الحجر الرملي من دون أية نقوش أو كتابات عليه، ومجموعة من الأحجار الملونة، وتمثالاً خشبياً صغيراً للإله حورس، وجميعها مزينة برسوم ملونة تمثل طقوساً دينية تخص بعض الآلهة، مثل «هاثور» و«أنوبيس».

بلاد الذهب

تتمتع أسوان بسمعة عالمية، كونها مدينة أثرية سياحية من الطراز الأول، وتضم كماً هائلاً من آثار الحضارة الفرعونية، وسميت قديماً بـ»بلاد النوبة» أو «بلاد الذهب»، نظراً إلى احتوائها على آثار غير موجودة في العالم بأكمله، بالإضافة إلى وقوعها على ضفاف نهر النيل، الذي جعلها مقصداً سياحياً أساسياً لكل زوار مصر من جميع أنحاء العالم.

وبدأت أهمية أسوان في عصر الدولة القديمة، حيث كانت تمثل الحدود الجنوبية للبلاد، كذلك كانت مركز تجمع الجيوش في عصور الملوك الوسطى لمحاولتهم مد حكمهم جنوباً، كذلك أدت دوراً حاسماً في محاربة الهكسوس.

مقبرة أغاخان

تعد مقبرة، أو ضريح، أغاخان أحد المزارات السياحية الشهيرة في مصر، وترجع إلى الأمير أغاخان الثالث، الإمام 48 للطائفة الإسماعيلية النزارية، ورئيس رابطة عموم مسلمي الهند. وُلد في مدينة كراتشي الهندية عام 1877، وتولى الإمامة عقب وفاة أبيه أغاخان الثاني، وكان في السنة الثامنة من عمره، تلقى علومه من روافد دينية ومدنية عدة، وتولى شؤون الطائفة الإسماعيلية عام 1893، وحمى حقوق المسلمين في الهند.

ترجع قصة بناء مقبرة وضريح أغاخان في أسوان إلى وصية تركها صاحب المقبرة، التي بنيت على الطراز الفاطمي المصري، عندما أصيب بمرض الروماتيزم وآلام العظام وأصبح غير قادر على السير، وعندما فشل الأطباء في علاجه نصحه أحد الأصدقاء بزيارة أسوان عله يجد الشفاء هناك. وفعلاً وصل أسوان عام 1954 بصحبة زوجته وحاشيته ومجموعة كبيرة من أتباع الفرقة الإسماعيلية.

هناك نصحه أحد الشيوخ بدفن نصف جسمه السفلي في الرمال لمدة ثلاث ساعات يومياً على مدار أسبوع، فنفذ أغاخان النصيحة، وبعد أسبوع من الدفن اليومي، سار على قدميه. من ثم، قرر زيارة أسوان كل شتاء، واشترى قطعة أرض لبناء مقبرة له في المنطقة التي شهدت شفاءه.