انتخابات كردستان تقود «رئاسية» العراق إلى المجهول

● إقبال ضعيف بعد عام من الاستفتاء
● البارزاني يتمسك بمرشح توافقي وصالح يرفض الانسحاب

نشر في 01-10-2018
آخر تحديث 01-10-2018 | 00:05
موظفة تساعد رجلاً كردياً على الإدلاء بصوته في أربيل أمس  (رويترز)
موظفة تساعد رجلاً كردياً على الإدلاء بصوته في أربيل أمس (رويترز)
عمقت الانتخابات التي شهدها إقليم كرستان العراق، أمس، الخلاف بين أكبر حزبين كرديين، الأمر الذي زاد التعقيدات التي تحيط باختيار رئيس جديد للعراق هو حسب العرف من حصة المكون الكردي.
بعد عام من محاولتهم الاستقلال، أدلى أكراد العراق بأصواتهم، أمس، بلا حماسة في انتخابات برلمانية يمكن أن تخل بتوازن القوى الدقيق في الإقليم شبه المستقل. ونظراً إلى ضعف أحزاب المعارضة من المرجح أن يمدد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي أسسه الرئيس الراحل جلال الطالباني، اقتسامهما للسلطة المستمر منذ نحو 30 عاماً.

لكن الانقسامات داخل الاتحاد الوطني تطرح إمكانية أن يحصل حزب البارزاني على وضع مهيمن على الساحة السياسية الكردية سواء في أربيل عاصمة الإقليم أو في العملية الصعبة لتشكيل حكومة اتحادية في بغداد وانتخاب رئيس هو من حصة الأكراد.

وكان الاستفتاء المثير للجدل على الاستقلال عام 2017 بقيادة البارزاني وعد بوضع الأكراد على مسار إقامة وطن لهم. لكن رد فعل بغداد السريع والقوي واستخدامها القوة العسكرية بدد هذه الاحتمالات وقلص الحكم الذاتي في الإقليم.

ويحظى الحزب الديمقراطي بالاحترام كذلك لقيادته الاستفتاء رغم العواقب السلبية التي حلت على المنطقة بعده في حين ما زال يتعين على الاتحاد الوطني أن يسوي الصراعات الداخلية التي اندلعت بعد وفاة الطالباني عام 2017.

ويحق لـ 2.99 مليون مواطن في إقليم كردستان الإدلاء بأصواتهم في عملية الاقتراع العام، وتتولى 46 منظمة محلية و30 منظمة دولية مراقبة عملية الاقتراع.

يتنافس 29 كياناً وقائمة في هذه الانتخابات على 111 مقعداً في برلمان كوردستان، و30 في المئة من المرشحين نساء، وهناك 11 مقعداً مخصصاً للمكونات والطوائف الدينية في إقليم كردستان.

وأظهرت الأرقام في منتصف النهار مشاركة ضعيفة في الاقتراع. وكانت أغلب الأحزاب الرئيسية تقول، إنها لا تتوقع أن يشارك أكثر من 40 في المئة من الناخبين، أي أقل من العدد الذي شارك في الانتخابات الاتحادية، الذي شهد انخفاضاً قياسياً.

ولاحقاً أعلن "الاتحاد الوطني" أنه لن يعترف بنتائج انتخابات الإقليم.

وجاءت الانتخابات قبل يومين من موعد «نهائي» حدده البرلمان العراقي ورئيسه الجديد محمد الحلبوسي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقبل الجلسة المقررة غداً، لا يزال الغموض يلف موقف القوى السياسية العربية، وسط انقسامات بين «الاتحاد الوطني» الذي رشح برهم صالح للمنصب، معتبراً أنه بموجب العرف المتبع منذ سقوط نظام صدام حسين تؤول رئاسة الجمهورية إليه على أن يتولى حزب البارزاني منصبي رئيس إقليم كردستان ورئيس حكومة الإقليم.

لكن الحزب الديمقراطي اصر هذه المرة على أن يكون ترشيح الرئيس توافقياً بين الأكراد. ولذلك رشح فؤاد حسين للرئاسة، مطالباً بأن يجري تصويت في برلمان الإقليم على المرشح الكردي للرئاسة لسحبه.

وفي حال لم تتفق الأكراد خلال الساعات المقبلة على رئيس، فإن البرلمان قد يذهب إلى التصويت للاختيار بين صالح وحسين بالإضافة إلى مرشحين مستقلين آخرين. كما أن من الممكن عدم توفير نصاب الجلسة باتفاق بين القوى السياسية لإتاحة مزيد من الوقت للأكراد على التوافق. وتقول مصادر كردية، إن الأمر سيكون مرتبطاً بنتائج انتخابات إقليم كردستان، ومدى تمكن البارزاني من حسمها دون إثارة اعتراضات كبيرة بين الأحزاب المنافسة خصوصاً «الاتحاد الوطني».

وقال الزعيم الكردي مسعود البارزاني خلال إدلائه بصوته، إن «الشعب هو من يقيم ثقل كل طرف وعلينا أن نتعاون معاً لخدمة كردستان». وأضاف: «أدعو للمشاركة في التصويت بحرية لاختيار ممثلي الشعب فالعملية الانتخابية دليل على تقدم شعب كردستان بممارسة حقه بصورة سلمية».

وبشأن الرسالة التي يوجهها للأطراف السياسية قال: «رسالتي هي أننا جميعاً أخوة وعلينا أن نتعاون معاً». وأكد أن «الشعب هو من يقيم ثقل كل طرف لكن هذا لا ينفي حاجة بعضنا للبعض الآخر».

نيجيرفان

من ناحيته، شدد رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني، خلال الإدلاء بصوته على ضرورة أن تتوصل الأطراف الكردية إلى تفاهم مشترك وتتفق على مرشح واحد لمنصب الرئاسة العراقية.

في السياق، قال نيجيرفان البارزاني، إن «منصب رئيس الجمهورية مرتبط بالأكراد، واقترحنا على الاتحاد الوطني وبقية الكتل الكردية أن تنتخب شخصاً واحداً بحيث يكون مرشحاً للأكراد للمنصب».

وأردف: «من مصلحة كردستان أن نتوصل إلى تفاهم بشأن مرشح كردي لمنصب رئاسة جمهورية العراق، ونرغب في أن تتوصل الأطراف الكردية إلى تفاهم مشترك وتتفق على مرشح واحد لمنصب الرئاسة العراقية».

مسرور البارزاني

وكان مستشار مجلس أمن إقليم كردستان، مسرور البارزاني أمل تشكيل حكومة للإقليم مع الأطراف التي تشاطر الحزب الديمقراطي ذات القيم والمبادئ على أساس التوافق، وتابع: «من الطبيعي أن يحصد طرف ما أصواتاً أكثر من غيره، لكن لا يمكن أن يتحول ذلك إلى مشكلة وأتمنى أن يلتزم الجميع بالهدوء».

وشدد على «ضرورة احترام رأي أغلبية شعب كردستان في اختيار رئيس جمهورية العراق»، مضيفاً أن «من حق أغلبية الكتل الكوردية تعيين مرشحها للمنصب كما يحق للأطراف الشيعية في الكتلة الأكبر تعيين رئيس الوزراء».

وأدلى رئيس قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني، قوباد الطالباني، بصوته في الانتخابات التشريعية، بمدينة السليمانية معقل حزبه. ورأى أن «التصويت حق وواجب وطني بغية السير بكردستان نحو الديمقراطية»، مضيفاً أن «تجربة السنوات العشر الماضية كانت كفيلة بتوعية الشعب».

وتابع: «أعتقد أن المعادلة السياسية في كردستان ستتغير سواء في هذه الانتخابات أو غيرها» مضيفاً: «شعبنا بحاجة اليوم إلى وحدة الصف والأمن أكثر من أي وقت آخر، وأتمنى أن تتمكن الأطراف السياسية على اختلافاتها من ممارسة عملها وخدمة المواطنين».

ولم يتطرق الطالباني إلى جلسة مجلس النواب المقررة اليوم والتي ستشهد في حال اكتمل نصابها انتخاب جديد للجمهورية لكن برهم صالح أكد أمس، أنه لن ينسحب أبداً من الترشح للرئاسة وهو ما يطالب به الحزب الديمقراطي.

وقال «لدي تحفظات واضحة على الاستفتاء الذي جرى العام الماضي في كردستان ، ولم أشترك في تنظيمه»، مؤكداً أن «الملتقى والحل للأكراد في بغداد وليس واشنطن أو أنقرة أو طهران، وأنا مؤمن بوحدة العراق وفق الدستور العراقي».

back to top