معضلة الحدود الأردنية - السورية!!
موقف الأردن معلن وواضح بالنسبة إلى ما جرى ويجري في سورية، ومطالبة أصحاب المصالح الضاغطة، ومعهم الحق كله، بفتح حدود جابر- نصيب مفهومة، ويجب النظر إليها بكل جدية. والمشكلة هنا أن النظام السوري ينظر إلى هذه الأزمة من زاوية سياسية، في حين أن الأردنيين (الضاغطين) ينظرون إليها من زاوية تجارية - اقتصادية، وهنا لابد من تأكيد ما أكدته الحكومة الأردنية مراراً وتكراراً، وهو أن إغلاق هذه الحدود في عام 2015 لم يأتِ من الطرف الأردني، بل من الطرف الآخر الذي ورّط بلده وورّط الشعب السوري والمنطقة كلها في هذه الحرب، التي من الواضح أنَّ نهايتها - ورغم كل ما يقال ورغم تفاؤل المتفائلين - ليست قريبة على الإطلاق.لنفترض أن الأردن قفز من فوق كل هذه العقبات والصعاب التي تعترض هذا الإجراء وبادر إلى فتح حدوده في "جابر" باتجاه "نصيب"، فالمشكلة هي أن الشاحنات الأردنية لن تستطيع تجاوز هذه المنطقة الحدودية السورية؛ لأن تجاوزها يعني دخولها منطقة غير آمنة على الإطلاق، ويعني تعرضها للسلب والنهب، إنْ من جانب بعض العصابات المحلية، أو الميليشيات الإيرانية، أو ميليشيات حزب الله اللبناني أيضاً.. وكذلك من جانب ذوي الحاجات الملحة من السوريين، الذين حوّلتهم سنوات الحرب المدمرة إلى فقراء يواجهون ظروفاً صعبة ومجاعات حقيقية.
ثم لنفترض أن النظام السوري قد وفّر للشاحنات والقوافل التجارية الأردنية حراسات عسكرية وأمنية حتى أقصى المناطق التي يسيطر عليها نهاراً، وهي "سائبة" ليلاً من الجهة الشمالية، فبعد ذلك وحتى الحدود التركية، لا تزال هناك سيطرة لبعض التنظيمات الإرهابية، وسيطرة لقوى متعددة وكثيرة، مما يجعل هذه المناطق غير آمنة، وطرقها غير سالكة.وكذلك، فإن المفترض أنه معروف لأي معنيٍّ بهذه المسألة أن النظام السوري يواصل "اللعب" بورقة فتح حدود "جابر" و"نصيب"، للضغط على الأردن وحمْله على التخلي عن موقفه الثابت تجاه الأزمة السورية منذ البدايات حتى الآن، وهو أن الحل السياسي المطلوب لهذه الأزمة البديل لكل الحلول العسكرية التي يتمسك بها بشار الأسد ومعه الإيرانيون، ومن لفَّ لفهم بدعم من الروس، هو حل جنيف، وخاصة القرار الدولي رقم 2254 والمرحلة الانتقالية.نحن نعرف أن الذي يده في النار ليس كمن يده في الماء، وأن انعاكسات هذه الأزمة السورية على هذا القطاع من الأردنيين شديدة الوطأة ومكلفة جداً... لا بل وموجعة، لكن ما العمل مادام أن هذا هو واقع الحال، وأن الحلول المطلوبة من هذا القطاع ومن غيره ليست في أيدي الأردنيين، بل في أيدي الدول المتصارعة والمتناحرة على الساحة السورية، في حين أنَّ حتى نظام بشار الأسد لا يستطيع في الواقع، والحقيقة، أن يفعل شيئاً إزاء كل هذه التداخلات الصعبة، مادام أنه، منذ البدايات، قد فتح أبواب هذا البلد العربي لكل المتدخلين من الخارج، بدل أن يتفاهم مع شعب من المفترض أنه شعبه، ويقدم إليه "التنازلات" التي يريدها.