الرد على الأحواز... فـي دير الزور!
لم تقنع هذه "التظاهرة" الصاروخية الفاشلة، التي لجأت إليها طهران، حتى بعض كبار المسؤولين الإيرانيين، بأن عملية "الأحواز" ليست عملاً داخلياً، وأن الذين نفذوها ليسوا من الذين وصل حد سكين هذا النظام البدائي الدكتاتوري إلى النخاع الشوكي في عظامهم، بل من "داعش" والإرهابيين الذين يعسكرون في مناطق شرقي الفرات، وبالقرب من الحدود السورية- العراقية. وحقيقة، إن هذه مسرحية مكشوفة بقيت تلجأ إليها الأنظمة المتعفنة لتصدير أزماتها إلى الخارج.ولعل ما هو مضحك إلى حدِّ الاستلقاء على الظهر، أن هذه الصواريخ، التي اعتبرتها طهران "استراتيجية"، وتغنَّى بها الحوثيون، ومعهم حراس الثورة الإيرانية وبعض الشراذم المذهبية والطائفية، اتجه بعضها إلى "كرمنشاه" الكردية، وإلى مناطق أربيل في كردستان العراقية. والواضح أنه "جرى "تلقينها" بالأساس أن أهدافها الدائمة هي الكرد والمدن والمناطق الكردية، إن في إيران نفسها، وإن في العراق وسورية، وأيضاً إن في تركيا وكل مكان.
إنها مناورة فاشلة وكذبة واضحة وفاضحة، وهل يُعقل يا تُرى أن الذين هاجموا "عرض" الحرس الثوري في الأحواز العربية، والتي ستبقى عربية، وبرشاشات "الكلاشنيكوف"، قطعوا كل هذه الفيافي والقفار واجتازوا جغرافية بلاد الرافدين، التي تتحكم في أوصالها مجموعات الحشد الشعبي والعديد من الميليشيات الإيرانية، ليصلوا إلى هدفهم هذا، ويضربوا ضربتهم الموفقة، ويعود بعضهم إلى قواعدهم سالمين في أقصى شرقي سورية؟!إن كل رموز الحكم في طهران يعرفون أن الذين ضربوا استعراضهم العسكري، الذي هو استعراض قوة، وبمثابة التلويح بقبضة قوية أمام أنوف عرب "الأحواز"، هم من أهل هذه المنطقة العربية المحتلة، وأنهم سيضربون ثانية وثالثة وألفاً، وأن هذه الصواريخ، التي تاه بعضها وذهب إلى "كرمنشاه" الكردية، في حين أن بعضها الآخر وصل إلى أقصى شرقي سورية متقطع الأنفاس، هي مجرَّد تلويح بقبضات مترهلة لم تُخِفْ الأميركيين، ولا "داعش"، ولا أياً من التنظيمات الإرهابية التي من المعروف أنها تعمل وفقاً لتوجيهات غرفة العمليات المشتركة السورية – الإيرانية – الروسية، إن ليس في دمشق، ففي قاعدة حميميم.وهكذا، فعلى رموز النظام في طهران أن يدركوا أن هذه الألاعيب لم تنطلِ على الشعب الإيراني، ولا على أيٍّ من شعوب هذه المنطقة، ولا على الأميركيين، ومن لفَّ لفهم كما يُقال.فالحقيقة أن ضربة الأحواز هذه سوف تتكرر طالما أن قمع حراس الثورة تجاوز كل الحدود، وطالما أن هناك شعوباً مضطهدة في إيران، من بينها العرب والكرد والبلوش واللور، وطالما أن الشعب الإيراني نفسه بقي يتعرض لاضطهاد بدائي، إن في المرحلة الشاهنشاهية، وإن بعد انتصار ثورة عام 1979، التي ثبت أنها كانت مأساة تاريخية.