اللحظة الفاصلة!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
تجهز قلبي لسكنى العصافير والحمام والمزن المهاجرة، تقوم بنزع الأوراق اليابسة عن شجرة أحاسيسي، وتقتلع الأعشاب الصفراء من نبضي، تعيد صياغتي، تقيس حرارة أصابعي، وحرارة حبري، وقدرة أوراقي على البياض!تتأكد الطبيعة من أن جميع أوديتي جاهزة لسريان الماء بين أحضانها، وأن لا حجر يقف عثرة في الطريق، تقوم بضبط أوتاري و"دوزنتها"، لتصبح صالحة للغناء على مقام موسيقي آخر، ذلك المقام يُعرف في موسيقى الفصول بمقام الشتاء، وهو مقام يتطلب الغناء فيه روحا دفيئة، وحنجرة لا يُغرقها المطر، ووشاحا يجيد الهمس قرب مسمعيك، أغاني هذا المقام شجية جداً، وحميمية جداً، وموجعة ربما جداً. وتشعل حطب الضلوع دون أن تستخدم ناراً!تسيّل الأحلام مطرا أخضر يمر بالأحداق، لا ليستقر، لكن ليترك زهرة نديّة، ويرحل أغاني هذا المقام نداء احتياج يهيم في السماء، يصب مباشرة في القلوب الشتاء أغنية العشاق المفضلة، يستعذبون فيه البكاء تحت المطر، فيبكون كيفما يشاؤون دون أن تُفضح قلوبهم، يستعذبون مواقد النار التي تضج باللهب، لعلها تدفئ أطراف آمالهم، تتلمس أياديهم الدفء تحت الشالات الصوفية، لعلهم يجدون بعض آهاتهم التي أهملها أحبتهم في غفلة وفاء. الشتاء يحيي جمر الاحتياج، ويضيء مشاعل الحنين،ويزرع شجرة الصبر على حافة الهاوية. الشتاء منحنى الفصول الخطر، ويتطلب استعدادا استثنائيا، وها هي الطبيعة جهزتني الآن له، وعمّدتني بالبركات... دعواتي لكل العشاق بالعبور منه بسلام حب.