أكثر من 6 قنوات تلفزيونية حكومية ومثلها إذاعية، ووكالة أنباء رسمية نشطة؛ وصحف يومية تتصدرها الأخبار الرسمية؛ وحسابات خاصة لمختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي؛ وشخصيات عامة نشطة في العالم الإلكتروني تعاقدت معهم مؤسسات الدولة لنشر الأخبار؛ وخدمات إخبارية إلكترونية مرخصة من الحكومة؛ والعديد من الوسائل المختلفة الأخرى للحصول على المعلومات الرسمية، كل تلك الجهات يفترض أنها تضمن الحصول على المعلومات الصحيحة لجميع المهتمين والمتابعين.وعلى الرغم من هذا الكم الكبير من سبل الحصول على الأخبار الموثوقة، فإن رسالة «واتساب» واحدة تتضمن نقيض كل ما يذكر بالأخبار الرسمية كفيلة بأن تشيع جوا مخالفا للحقيقة بين أوساط الناس، بل تجعلهم يعيشون في فقاعة هذه الرسالة مهما تلقوا من عبارات للنفي أو النكران من الجهات الرسمية.
لا أعلم ما الذي أوصلنا إلى هذه الحال؟ فقد تكررت هذه المسألة، وأعني رسالة «الواتساب» في أكثر من مناسبة، لعل أبرزها وأكثرها إزعاجا بالنسبة إلي ما حدث إبان زيارة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد لجمهورية الصين، وكيف تم تداول نتائج هذه الزيارة بشكل زائف وسطحي جداً عبر «الواتساب»، وهو ما تطرقت له في مقال سابق، وما تكرر في الأيام القليلة الماضية أيضا تزامنا مع زيارة ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان آل سعود.فالانجراف وراء هذا الكم من الإشاعات من المثقفين والعامة، من المطلعين والملمين بالأمور قبل غيرهم هو أمر مزعج جداً، ويشير بكل صراحة إلى فقدان الجميع الثقة بأدوات الإعلام الرسمية، بل قد ينعكس الأمر سلباً على مختلف مناحي الحياة من جراء رسالة هشة لم يكلف مصدرُها نفسَه عناء تشكيلها بحبكة منطقية، فقد أصبح كل مطلق للإشاعة سواء كانت منظمة أم عفوية لا يتطلب الأمر لديه أي جهد أو أساس موضوعي، كل ما عليه هو أن يستخدم الناس في نشر أي شيء حتى إن لم تكن فيه أي لمسة حقيقية.شخصيا لا أعرف ما الحل الأمثل في مواجهة هذا الأمر، لكن ما أعرفه جيداً هو أن الأسلوب الإعلامي المتبع أثبت عدم جدواه، بل انهياره التام أمام رسالة «واتساب» واحدة، وهو ما يتطلب فعلا بحثا مستفيضا عن أدوات إعلامية أكثر فاعلية، وشفافية أكبر من مؤسسات الدولة قد تساهم في بناء الثقة لدى الناس، وتصرفهم عن هذا النوع من الإشاعات التي قد تقودنا مستقبلاً إلى نتائج لا تُحمد عقباها.
مقالات
ديرة «واتساب»
04-10-2018