في حين تشهد العلاقات الإيرانية الأوروبية توتراً على خلفية اتهام فرنسا لطهران بالتخطيط لشن اعتداء على المعارضة الإيرانية في باريس يونيو الماضي، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده ستحتكم إلى مزيد من الصبر ولفترة أطول من أجل تمكين الاتحاد الأوروبي من وضع الآليات اللازمة للحفاظ على «الاتفاق النووي» الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بشكل منفرد وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن ظريف قوله: «صبرنا سيكون أطول قليلاً، لكن هذا لا يعني أن صبرنا لن ينتهي أبداً، ولكننا سننتظر فترة أطول قليلاً». وقبل أسابيع كان ظريف يتوعد الأوروبيين بأن صبر طهران بدأ ينفذ.

Ad

واعترف ظريف في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية بأن الموقف الأوروبي من الاتفاق الدولي مع إيران بعد الانسحاب الأميركي منه كان «أفضل من المتوقع». وأشاد بقرار الاتحاد الأوروبي الخاص بإنشاء آلية قانونية للالتفاف على العقوبات الأميركية الخانقة ومواصلة التجارة بين الدول الأعضاء وطهران.

وأوضح أن التعهدات والضمانات الأوروبية لإبقاء إيران ضمن الاتفاق النووي تضمن إجراءات تسمح لطهران بالقيام بالتبادل التجاري والمصرفي.

وأقر ظريف في الوقت نفسه بصعوبة مهمة الحفاظ على الاتفاق النووي في ظل الموقف الأميركي الرافض له، مشيراً إلى أن الدولار الاميركي يؤدي دوراً محورياً في النظام المالي العالمي.

ورداً على سؤال بشأن إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، قال ظريف إنه «لا يوجد شيء مستحيل»، مشدداً على أن تركيز بلاده منصب حالياً على التعاون مع الأوروبيين من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي المبرم في 2015.

وانتقد من جهة أخرى موقف الإدارة الأميركية الحالية من الاتفاق الذي وقعته مجموعة «5 + 1» مع طهران، معتبراً أن «الولايات المتحدة لم تشهد ثورة في نظام الحكم حتى تنقلب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قرار دولي وقعته الإدارة التي سبقتها».

ورأى وزير الخارجية الإيراني أن على ترامب أن يدرك أن الولايات المتحدة تربح ولن تحصل على اتفاق أفضل من الاتفاق النووي، في إشارة إلى دعوة ترامب لقادة إيران للدخول في مفاوضات جديدة من أجل إبرام معاهدة شاملة تعالج مخاوف الغرب بشأن برنامج التسلح الصاروخي ومستقبل البرنامج النووي وأنشطة طهران في الشرق الأوسط.

في موازاة ذلك، هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني ضغوط ترامب على بلاده، وقال إنه يزيد العقوبات من أجل تحقيق «مكاسب سياسية داخلية».

وأشاد روحاني بأوروبا لأنها اتخذت خطوات كبيرة للحفاظ على النشاط التجاري مع إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.

«العدل الدولية»

إلى ذلك، قبلت محكمة العدل الدولية دعوى إيران ضد الولايات المتحدة بشأن إعادة فرض العقوبات عليها. وأقرّت بعدم اختصاصها في النظر في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.

واعتبرت المحكمة أن العقوبات الأميركية تؤثر على حق إيران في الحصول على المواد المستخدمة لأغراض إنسانية كالغذاء والدواء والمنتجات الزراعية وما يتعلق بالطيران المدني، وبالتالي حكمت بأن ترفع واشنطن كل العوائق أمام تصدير وإدخال البضائع الطبية والغذائية والمرتبطة بصيانة وتأمين سلامة الطيران والسيارات.

وطالبت «العدل الدولية» الولايات المتحدة بتخفيف حدة العقوبات المفروضة على السلع الأساسية التي قد تؤثر على الشعب الإيراني. وأعلنت أن العقوبات تشكل خرقاً لمعاهدة الصداقة، والعلاقات الاقتصادية، والعلاقات القنصلية، مشيرة إلى أنه يجب على واشنطن أن تزيل كل العقبات التي تسببت بها الإجراءات التي اتخذها الرئيس ترامب. وناشدت العدل الدولية كل من طهران وواشنطن بالامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تزيد من حدة الخلافات أو تطيل في عمرها، وهو الأمر الذي سيجعل حلها أكثر تعقيداً.

من جهتها، رحبت وزارة الخارجية الإيرانية بقرار المحكمة الدولية، باعتباره «إشارة واضحة» أن إيران «محقة».

وفي وقت سابق، أشاد مجلس الأمن القومي الأميركي بقرار باريس فرض عقوبات على مصالح إيرانية في فرنسا واتهامها وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتخطيط لاستهداف تجمع «مجاهدي خلق».

وشدد المجلس على «تويتر» على أنه «يتعين على طهران معرفة أن هذا السلوك المشين لا يمكن احتماله».