ها قد أتانا شهر أكتوبر، ومازالت درجات الحرارة المرتفعة تتعدى الأربعين درجة سليزية. هذا الارتفاع ما هو سوى ناقوس خطر بيئي يطالبنا بأن نتحرك بأسرع وقت. نلوم الطقس دون أن نرى أننا المساهم الأكبر في ارتفاع الحرارة إلى هذه الدرجات الملتهبة. نعم، لطالما كان الجو حاراً في الكويت، لكن هذا الارتفاع غير المسبوق سببه الأساسي قسوة الأيدي البشرية على محيطها الطبيعي، فأنا أتذكر الكويت بطقس ألطف قليلاً قبل 10-15 سنة، وأستمع إلى كبار السن يتحدثون عن "البردي" والمياه المتجمدة على السيارات، في حين لم نشهد شتاءً حقيقياً لعدة سنوات. إن استمررنا على هذه الحال فستتقلص جميع أشكال الحياة الفطرية– الشحيحة أساساً- من نبات وطير وحيوان، بما في ذلك الحياة البحرية، وسيمتد هذا الضرر إلى الإنسان كنتيجة طبيعية.هنالك الكثير من العوامل التي ساهمت في زيادة درجة الحرارة بهذا الشكل المريع، وأولها كثرة استخدام السيارات وامتداد ألسنة الإسفلت الحارقة على امتداد أراضي الكويت، فبالإضافة إلى الأدخنة الصادرة من عوادم السيارات فإن كتلة المعدن هذه تبعث الكثير من الحرارة، بالإضافة إلى الحرارة الناتجة عن كثرة استخدام التكييف الذي لا مفر منه في ظل الظروف الحالية. وسائل النقل العامة من قطارات ومترو هي حل جذري وحلم أتمنى رؤيته في بلدي، خصوصاً في ظل وجود القدرة المادية على ذلك. أيضاً فإن استخدام مواد البناء الإسمنتية والحديدية وكثرة واجهات الزجاج غير ملائم لمناخنا الصحراوي إطلاقاً، مما يؤدي إلى زيادة الاعتماد على التكييف وذلك يزيد المشكلة سوءاً. الحل هو في تطبيق أساليب العمارة المستدامة وتحديث قوانين البناء.
لكن في ظل الأوضاع الراهنة، يجب ألا ننتظر من أي جهة رسمية أن "تنقذنا"، بل لا بد أن نبادر نحن وننشر الوعي بحجم هذه المشكلة، ولربما كانت المبادرة بكل بساطة هي أن نزرع الأشجار والنباتات في منازلنا، ونعير الحدائق العامة قليلاً من الاهتمام، بالإضافة إلى المبادرات الزراعية وغرس الشتلات في المناطق السكنية وصولاً إلى المدينة، وكذلك القيام بمبادرات تنظيف الشواطئ بشكل دوري، فشواطئنا تختنق بأطنان من شتى المخلفات البلاستيكية. لعل ذلك النوع من المبادرات سيحث الجهات الرسمية على أخذ الإجراءات اللازمة لتحسين حال الكويت بيئياً.كذلك يمكننا أن نكون أكثر لطفاً مع بيئتنا عن طريق تقليل بصمتنا الكربونية، ويتم ذلك بالتقليل من مخلفات البلاستيك وعدم إهدار الكهرباء والمياه، بل حفظ هذه النعم وتذكر أننا لم نكن نملك أياً منها قبل فترة ليست بالطويلة (ما قبل النفط). نستنتج من ذلك أن الحياة الاستهلاكية، بالإضافة إلى أضرارها الاجتماعية والنفسية، فإن لها ضرراً بيئياً ممتداً.كفانا سلبية واستهتاراً، فلنتعاون معاً لرفع لعنة الصيف الأبدي التي حلت علينا، فكم تقنا للشتاء. * "لن يصبح لدينا مجتمعٌ إذا ما دمّرنا البيئة" (مارغريت ميد).
مقالات - اضافات
صيف أبدي
05-10-2018