بدأ رئيس الحكومة العراقية المكلف، عادل عبدالمهدي، مشاروات صعبة مع القوى السياسية المتنوعة لتشكيل حكومة قادرة على التصدي للتحديات الكبيرة التي يواجهها العراق، والذي خرج للمرة الأولى منذ 2003 من مرحلة الحرب، بعد تمكّنه من دحر تنظيم "داعش" وابتعاد شبح الحرب الأهلية، سواء بين المذاهب والطوائف أو بين المكونات القومية والعراقية.وقالت مصادر سياسية في بغداد إن عبدالمهدي الذي يوصف بقدراته على تدوير الزوايا وصوغ معادلات سياسية دقيقة، يتجه الى تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة غير حزبية، مستفيدا من إجماع القوى السياسية على هذا المطلب ورفضها المحاصصة الحزبية التي أدت في السنوات الماضية الى حالة من الشلل الحكومي وعدم الفعالية في إدارة البلاد ومواردها الكبيرة.
وطالب العديد من القوى بحكومة تكنوقراط خصوصا المرجعية الشيعية في النجف، التي شددت على ضرورة المجيء بوجوه جديدة الى العمل الحكومي. وأضافت المصادر أن عبدالمهدي لا يخفي استعداده للتلويح بالاستقالة في حال تعرّضه لضغوط من الأحزاب.ورأى عضو "ائتلاف النصر"، علي السنيد، إن "عبدالمهدي، سيواجه ظروفا صعبة لاختيار كابينته الحكومية والمرحلة القادمة ستشهد صداما بين الكتل حول نيل الحصص الوزارية"، مؤكدا أنه "لا يمكن الخروج من التخندق الحزبي".وأشار الى أن "عبدالمهدي، قدم شروطا للكتل السياسية حول تشكيلة حكومته ومن دون تحقيق تلك الشروط فإنه سيمضي نحو الاستقالة".
الصدر
وفيما بدا أنه خطوة تفتح المجال أمام ابتعاد الأحزاب عن العمل الحكومي، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمس، أنه أوعز بعدم ترشيح أي وزير لأي وزارة من جهته، لكنه منح عبدالمهدي عاما للإصلاح قبل أن يتحرك في الشارع.وقال الصدر في تغريدة: "إننا بدأنا بخطوات الإصلاح، وها نحن اليوم نتمها بقدر المستطاع"، معربا عن شكره لـ "المرجعية العليا وكل من آزرنا ووثق بنا".وأضاف: "تمكنا من جعل رئيس الوزراء مستقلا، بل ومستقيلا من الفساد الحكومي السابق"، مشيرا الى "اننا أوعزنا بتشكيل كابينته الوزارية من دون ضغوط حزبية او محاصصة طائفية أو عرقية، مع الحفاظ على الفسيفساء العراقية الجميلة".وتابع الصدر: "أوعزنا بعدم ترشيح أي وزير لأي وزارة من جهتنا، مهما كان، واتفقنا على إعطائه مهلة عام لإثبات نجاحاته أمام الله وأمام شعبه، ليسير بخهطى حثيثة وجادة نحو بناء العراق وفق أسس صحيحة، كما حاول سلفه من قبله ذلك، مبتعدا عن التفرد بالسلطة والمنصب، بل الوطن هو المقدم والمواطن فحسب".واختتم الصدر كلامه بالقول: "فإما أن ينتصر الإصلاح تدريجياً، وإما أن ينتفض الشعب كلياً".البارزاني
وأعرب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، خلال اتصال هاتفي أجراه أمس، مع رئيس الحكومة المكلف، عن دعمه الكامل للجهود التي يبذلها عبدالمهدي في تشكيل الحكومة الجديدة، واصفاً إياه بـ "المناضل العتيد والصديق لشعب كردستان".وأبدى البارزاني وفق البيان "اطمئنانه تجاه حرص ومراعاة عبدالمهدي الدائمين على مصالح العراق وكردستان، كما أعلن دعمه الكامل للجهود التي يبذلها عبدالمهدي في تشكيل الحكومة الجديدة، متمنيا له النجاح والتوفيق في مهامه".واعترض الحزب الديمقراطي على طريقة انتخاب برهم صالح مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني رئيسا للجمهورية، وألمح الى أنه سيقاطع الرئيس الجديد في خطوة تشكل تحديا للسلطات العراقية الجديدة.نيجيرفان
بدوره، أكد رئيس وزراء إقليم كردستان، نيجيرفان البارزاني، أمس حرص الأكراد على المشاركة في العملية السياسية بالعراق، وقال خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة أربيل: "نحن سعداء بتكليف عبدالمهدي بمنصب رئاسة الوزراء، كما نعلن دعمنا الكامل له، ونتمنى له التوفيق والنجاح".وأضاف أن "بغداد تعلمُ جيدا أين يكمنُ القرار السياسي في إقليم كردستان"، مضيفا: "اليوم توجد لدينا فرصة أخرى لبدء مرحلة جديدة بين أربيل وبغداد على أساس الدستور، وأن نستفيد من أخطاء الماضي لبناء مستقبل زاهر لإقليم كردستان والعراق معاً".وقال البارزاني: ذهبنا إلى بغداد للحفاظ على وحدة الصف الكردي، لكن ما جرى وما أقدم عليه الاتحاد الوطني والآلية التي اتبعت لانتخاب الرئيس خارج عن إرادة شعبنا وهي سابقة وبداية خطيرة للمرحلة المقبلة.وأوضح: نحن أبدينا كل المرونة من أجل أن نتوافق على مرشح لكن الاتحاد اختار طريقا آخر وبذلك شق وحدة الصف الكردي وسيكون لذلك تداعيات، وسنتعامل مع الاتحاد على أساس جديد عند تشكيل الحكومة.وأشار الى «إننا نحترم برهم صالح كشخص، لكن الجميع يعرفون أنه عاد الى الاتحاد من أجل هذا المنصب فقط، بعد أن خرج من حزبه وأسس تحالفاً، يبدو أنه لم يكن وفيا لا لحزبه ولا لتحالفه، فنتمنى أن يكون وفيا لكردستان».علاوي
في سياق متصل، دعا زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، أمس، الى تجديد الثقة بقاسم الأعرجي وزيرا للداخلية، وطالب بدعمه ومساندته لمواصلة مهمته في الوزارة.وبعد استقبال الأعرجي في مكتبه، أمس، ثمن علاوي في بيان "الدور الكبير والجهود التي بذلها الأعرجي وسياسة الاعتدال والانفتاح والحزم التي تميز بها". وينتمي الأعرجي الى "منظمة بدر" التي يتزعمها هادي العامري. ورغم علاقات "منظمة بدر" الوثيقة مع طهران، فقد تمكّن الأعرجي من بناء علاقة وثيقة مع السعودية التي زارها عشرات المرات خلال وجوده في منصبه، كما تمكن من إبرام اتفاقات عدة مع المملكة، خصوصا على صعيد إعادة فتح المعابر التي بقيت مغلقة سنوات بين البلدين.