العقوبات ضد روسيا تلحق الضرر بالمصالح الأميركية

نشر في 06-10-2018
آخر تحديث 06-10-2018 | 00:07
No Image Caption
في ظل عولمة الأسواق ستجد الشركات الروسية التي استهدفتها العقوبات الأميركية أسواقاً أخرى لبيع بضائعها. كما يجب أن يتم استهداف الكيانات الروسية عن طريق تجميد الأصول، وفرض حظر على السفر بحذر.
مع اقتراب انتخابات منتصف الفترة في شهر نوفمبر قد تتعرض المؤسسات الأميركية لهجمات سبرانية من جانب روسيا وغيرها من الحكومات الأجنبية، ونظراً لأن الدليل على تدخل روسيا أصبح واضحاً، طرحت ادارة ترامب والكونغرس خططاً تهدف الى معاقبة روسيا على تصرفاتها ومنع الاعتداء في المستقبل. وأحد هذه الاقتراحات الذي يعرف باسم قانون الدفاع عن الأمن الأميركي من عدوان الكرملين (داسكا)، والذي تبناه السناتور لندسي غراهام سيلحق ضرراً بالأعمال التجارية المحلية من خلال فرض مجموعة واسعة من العقوبات بصورة مفرطة.

وفيما هدف هذا الاقتراح الى ردع تدخل روسي في المستقبل، فإنه في الواقع سيسبب اضطراباً في سلاسل امداد النفط والغاز الدولية. ويمكن أن يعني هذا زيادة أسعار النفط وربما نقصه اضافة الى قضايا سلسلة الإمداد التي تفضي الى تكلفة أعلى على المستهلك الأميركي. وهذه العقوبات الجديدة ستجبر الشركات الأميركية أيضاً على الخروج من مشاريع مشتركة ضمن روسيا ما يفضي الى تأثيرات سلبية على شركات الطاقة الأميركية وفرص التوظيف المحلية.

ومن خلال فرض عقوبات على شركات الطاقة والكيانات المالية الروسية سيكون هناك تأثيرات عكسية أيضاً على الأسواق المالية الدولية، لأن تحويل الدولار الى عملات اخرى سيصبح أكثر صعوبة، ويسبب عواقب حادة تشمل المجتمع المالي الدولي.

التداعيات الأخرى

وإضافة الى فرض عقوبات على شركات الطاقة والمال الروسية فإن "داسكا" يستهدف أيضاً اصدار ديون سيادية روسية جديدة، والتي تعرف أيضاً بأنها الأموال التي تقترضها الدولة عبر بيع سندات قد صدرت في الأساس من جانب الحكومة الروسية في كل أنحاء العالم، وهي تستخدم بكثرة في العقود وأدوات التحوط. ويمكن لهذه العقوبات أن تؤثر على قيمة هذه الأدوات كما تؤثر بصورة سلبية على الصناعات خارج الأسواق المالية.

ويمكن لهذه العقوبات أن تفضي الى هبوط في الأسعار في أسواق ليست مرتبطة بقوة مع الولايات المتحدة، وتسبب تقلبات وهبوطاً في الطلب على الديون الروسية بالعملات الأجنبية. ويمكن للتصرفات الأميركية أن تدفع الدول التي تتجاهل العقوبات الأميركية الى اقامة علاقات أوثق. وقد تطور الصين وايران بالتالي علاقات أقوى مع روسيا، ما يعرض للخطر أمن الانتخابات الأميركية بقدر أكبر من خلال تقارب "الدول المارقة".

استمرار عمل الشركات الروسية

وفي ظل عولمة الأسواق ستجد الشركات الروسية التي استهدفتها العقوبات الأميركية أسواقاً اخرى لبيع بضائعها. كما يجب أن يتم استهداف الكيانات الروسية عن طريق تجميد الأصول وفرض حظر على السفر بحذر، لأن على الولايات المتحدة ألا تحظر العمل التجاري بين الشركات الأميركية ورجال الأعمال الروس الشرعيين. ومن خلال دعوة روسيا الى المشاركة في اتفاقات تجارية تستطيع الدول الأجنبية اخراج الشركات الأميركية من مشاريع يشمل البعض منها الاستثمارات والبنية التحتية القديمة.

إن فرض عقوبات على قطاعات الطاقة والمال الروسية سيفضي الى خسارة الشركات الأميركية صفقات مشتركة، وألا تتمكن من ضمان دفعات من كيانات روسية، كما يمكن أن تترك الشركات الأميركية غير قادرة على الدفع الى موظفيها في روسيا.

ويتعين على الحكومة الأميركية أن تلاحظ أيضاً أن ابقاء الأعمال الأميركية خارج روسيا يمكن أن يؤدي الى عقوبات على الأفكار، ومن دون عمل شركات أميركية في روسيا ستكون هناك فرصة ضئيلة فقط في أن تتعرض الشركات الروسية لشفافية ومساءلة وممارسات حوكمة جيدة.

وباختصار، فإن العقوبات التي فرضت على روسيا لن تقدم أي شيء من أجل تغيير سلوكها.

ويتعين على المشرعين الأميركيين العمل على استجابة تحقق معاقبة الحكومة الروسية على تدخلها في الانتخابات الأميركية، فيما تسمح للشركات الأميركية بممارسة عملياتها العادية.

وعلى عكس "داسكا" يأخذ مشروع قانون آخر مساراً أكثر دقة نحو الحل. ويهدف قانون الردع السبراني والاستجابة "سدرا" الى معاقبة التدخل من خلال تحديد أولئك اللاعبين المسؤولين بصورة مباشرة عن الهجمات السبرانية.

ويتطلب "سدرا" من الرئيس تعريف المهاجمين على أنهم "لاعبون يشكلون خطراً سبرانياً جوهرياً"، ونعتهم بشكل محدد بدلاً من فرض عقوبة عبر الأسواق الدولية برمتها.

ويفوض مشروع القانون أيضاً فرض العقوبات من شريحة واسعة من الخيارات المحددة ضد كيان يوصف بأنه "لاعب يشكل خطراً سبرانياً جوهرياً"، كما يعرض على الرئيس فرصة التخلي عن فرض عقوبات على أساس كل حالة على حدة. وسيسمح هذا الأسلوب المستهدف بفرض عقوبة فيما يتفادى الاضرار بالأعمال التجارية الأميركية المحلية.

ويمكن لأسلوب "داسكا" العنيف أن يعطل الأعمال الأميركية بقدر يفوق ما تستطيعه الحكومة الروسية، ويعرض الشركات المحلية الأميركية الى دفع ثمن المخالفات الروسية. ومن خلال الأسلوب المستهدف مثل الذي اقترح في "سدرا" لن تكون الشركات المحلية والأسواق الدولية ضررا إضافيا في المعركة ضد التدخل في الانتخابات.

* مارك بلومفيلد

back to top