بالعربي المشرمح: كتبنا وما كتبنا!
كثيراً ما كتبنا عن الفساد، كنا نتوقع أن تستيقظ ضمائر المسؤولين وتتحرك لوقف جماح الفساد الذي لم يعد أحدٌ منا يستغربه، ولكن كل من كتب ومن صرخ في هذا الأمر لم يجنِ ثمار ما كتب. السلطتان أقرتا بالفساد وانتشاره واعترفتا بوجوده، بل أكدتا أنه منظم ويملك أذرعه في كل مؤسسات الدولة، ولكنهما لم تفعلا شيئاً لمحاربته رغم ما تملكانه من سلطة وصلاحيات، وكأن مؤسسة الفساد أقوى مما تملكان من سلطة ونفوذ.الكارثة أن في كل زوايا الوزارات ثَم فاسد يتحرك لنشر فساده دون محاسبة، حتى أصبح الفساد ثقافة مجتمع إلا من رحم ربي، فعندما يرى الموظف البسيط فساد مسؤوليه دون أن يحاسبوا حتماً سيسلك الطريق ذاته على الأقل؛ لكي يضمن استمراره في عمله دون محاسبة، وإلا فسيكون مصيره الطرد أو النقل أو التجميد، وهو الأمر الذي أصاب العمل الإداري في مقتل، وأصبح التسيب والإهمال وعدم المبالاة وتعطيل مصالح الناس سلوك غالبية الوزارات.
لقد سمعنا عن سرقة التأمينات الاجتماعية ممن هو مؤتمن على رواتب المتقاعدين، لكننا لم نسمع عن محاسبته، وسمعنا عن سرقة ملايين «الداخلية» ممن يفترض أن يكون مؤتمناً على أموال وأرواح المواطنين، وسمعنا عن اختلاسات الاستثمارات، وعن سرقة الديزل، وعن الاستيلاء على أراضي الدولة، وغيرها من أساليب الفساد التي أصبحت إذاعتها شيئاً معتاداً وطبيعياً، ولسان حالنا يقول: أين مؤسسات الدولة وأين من يتولاها؟يعني بالعربي المشرمح: لا جدوى من الكتابة ولا فائدة من الصراخ في ظل سلطة لم تعد تكترث لصراخ المواطن، ولا تقرأ ما يكتبه الشرفاء عن هذه الآفة التي نخرت جسد الوطن، وجعلته عاجزاً عن مواكبة التطور والازدهار، فهل بعد حبس المتورطين في قضية ضيافة «الداخلية» سنرى الآخرين من مؤسسة الفساد يتساقطون، أم أن ما حصل هو لذر الرماد في العيون وتبقى الحال كما كانت!