ازدادت في الفترة الأخيرة في البلاد قضايا الفساد الذي لم يعد قاصراً على سرقة المال العام والاستيلاء على أملاك الدولة، والتعيين في المناصب بالوساطة والمحسوبية، إنما امتد الفساد أيضاً إلى الإدارة، وظهر لدينا مسؤولون في مناصب كبيرة يهملون أعمالهم، ولا يقومون بمهامهم أو يراقبون مرؤوسيهم، فتكون النتيجة ما رأيناه مثلاً في أزمة التكييف في وزارة التربية التي أظهرت حجم التقصير وموت الضمائر، وفي وزارة الداخلية في أزمة الضيافة التي كشفت عن حجم الطمع والجشع والرغبة في سرقة المال العام، وما خفي في وزاراتنا ومؤسساتنا من فساد كان أعظم.والأسئلة التي تفرض نفسها هنا: لماذا يفسد المسؤولون؟ ومن يفسدهم؟ وهل هناك من يساعدهم على الفساد، أم أنهم يسعون بأنفسهم إلى ذلك؟ في الحقيقة إن الفاسد ربما يستخدم كل ذلك، ولكن برأيي السبب الرئيس للفساد هو غياب الرقابة من الجهات المختصة، أو تغافلها عن الفاسدين، أو أنها تكشف الفساد، كما يفعل ديوان المحاسبة الذي يقدم كل عام ملاحظات كثيرة بخصوص إهدار المال العام، ولكن لا يؤخذ بتوصياته، كذلك من الأسباب التي تدفع إلى الفساد وجود ثغرات في قوانين العمل الإداري، وترهل الهيكل التنظيمي لكثير من المؤسسات، فتكثر المسميات والدرجات ولا نعرف من المسؤول عن الفساد.
وفي الحقيقة فإن مواجهة الفساد في بلدنا تتبع طرقاً تقليدية وعقيمة، وتفتح الأبواب للفاسدين للخروج بأمان بما حملوه من أموال ومناصب يتقاضون عنها رواتب تقاعد كبيرة، وكأننا نكافئهم على فسادهم، فأقصى ما تفعله الحكومة في قضايا الفساد هو تشكيل لجان التحقيق، وكما يقال إذا أردت أن تقتل موضوعاً فشكّلْ له لجنة تحقيق، لأنها في الغالب تأخذ وقتاً طويلاً حتى ينسى الرأي العام القضية، وإن ظهرت نتائج التحقيقات تكن غير شفافة، وإن أدين أحد بالفساد المالي أو الإداري فإن عقوبته تكون تخييره بين التقاعد أو التدوير أو الاستقالة، وهي أمور كلها تصب في مصلحة الفاسد الذي يخرج بمزيد من المكاسب. لذا نقول إذا أردتم محاربة الفساد فعليكم الضرب بيد من حديد على الفاسدين وتطبيق القانون بمسطرة واحدة على الجميع، ليكون هناك عبرة لفاسدين آخرين موجودين بيننا لا نعرف عنهم شيئاً، أو لمن يريد أن يكون فاسداً وينتظر الوقت المناسب. حفظ الله الكويت من الفساد والمفسدين.
مقالات - اضافات
من أفسدهم؟!
06-10-2018