غداة إعلان الجيش الإسرائيلي حشد قوات بشكل واسع حول قطاع غزة ونصب بطاريات "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، تباهى وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أمس، بقتل متظاهرين فلسطينيين عند السياج المحيط بالقطاع المحاصر، ووجه تهديداً مباشراً إلى حركة "حماس" بشن عدوان جديد على غزة بعد انتهاء عيد رأس السنة اليهودية.وكتب ليبرمان على "تويتر"، "تجاوزنا شهر أعياد تشري (الأعياد اليهودية)، مثلما خططنا بالضبط، من دون اشتعال الوضع ومن خلال جباية ثمن باهظ من مثيري أعمال الشغب عند حدود غزة. نحن الآن بعد الأعياد. وأقول لقادة حماس: خذوا ذلك بالحسبان".
وحذر الوزير "حماس" المسيطرة على القطاع الفلسطيني من تصعيد أعمال الشغب على طول حدود غزة التي شهدت اشتباكات أسفرت عن مقتل 190 شخصاً وإصابة نحو عشرين ألفاً آخرين خلال تظاهرات مسيرات "العودة الكبرى" التي انطلقت في مارس الماضي.ووسّع وزير التعليم نفتالي بينيت هجومه ضد شركاء حزبه "البيت اليهودي"، في الائتلاف الحكومي، معتبراً أن ليبرمان "يساري ضعيف" في التعامل مع غزة.وأكد الوزير اليمني المتطرف تسلل خلية مكونة من 10 أفراد ونجاحها في اختراق عدة مواقع قبل أن تعود إلى القطاع، معتبراً أنه ولو كان وزيراً للأمن لقتل جميع مطلقي البالونات الحارقة، خلال مسيرات العودة، التي تسببت في اشعال حرائق كبيرة بإسرائيل "بكل الأدوات".
مسيرات العودة
في المقابل، اعتبرت "حماس" أن تهديدات ليبرمان "فارغة ولن توقف مسيرات العودة" التي انطلقت في الثلاثين من مارس وتشهد اشتباكات عند حدود القطاع.وردّ الناطق باسم الحركة عبداللطيف القانوع، قائلاً إن "تلك التصريحات لن تكسر معنويات شعبنا أو تهزم إرادته". وأضاف: "الاحتلال يقتل ويلاحق ويحاصر دون أن يحقق أهدافه أو يكسر إرادتنا".وشدد على أن مسيرات العودة التي شهدت سقوط 7 فلسطينيين وإصابة نحو 500 برصاص إسرائيلي الأسبوع الماضي لن توقفها تهديدات ولن تتأثر بها، فهي ماضية وستتعاظم حتى تحقيق أهدافها. ولفت إلى أن "كل من يراهن على تراجع المسيرات واهم".إحراج وخلايا
في الأثناء، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في الجيش، أن للإعلان عن الحشد الكبير قرب غزة عدة أسباب، أبرزها أن عديد القوات في فرقة غزة العسكرية ليس كافيا من أجل مواجهة التظاهرات المتوقعة عند السياج وسيشارك فيها نحو 20 ألف فلسطيني.وبحسب موقع "واللا" الإلكتروني، فإن مقاطع فيديو لمظاهرات الأسابيع الماضية أظهرت أن نشطاء فلسطينيين يحاولون اقتلاع السياج وتقطيعه بمنشار كهربائي، وإشعال مواقع قناصة وتوغل إلى جنوب البلاد لرفع أعلام فلسطينية "بصورة أثارت حرجاً في صفوف قادة الجيش الإسرائيلي".وقرر الجيش الإسرائيلي أن زج المزيد من القوات سيتم بموجب تقييمات للوضع في الأيام المقبلة. "وهدف حشد القوات هو نشرها مقابل عدد كبير من مواقع المظاهرات العنيفة التي تنظمها حماس"، بحسب المصادر في جيش الاحتلال.قنبلة موقوتة
في موازاة ذلك، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "الانقسام بين المعسكرين الفلسطينيين، حماس والسلطة الفلسطينية، عاد ليقرب المواجهة بين فصائل غزة وإسرائيل، التي طوال ثلاث سنوات ونصف السنة من الهدوء النسبي منذ عملية الجرف الصامد لم تقدم مساعدة في إعمار القطاع، وتدفع الآن الثمن الناجم عن صدام ضلوعها فيه جانبي نسبياً".ووفقاً لهرئيل، فإن "زيادة عديد قوات الجيش في الجبهة الجنوبية يعبّر عن عمق القلق من التدهور"، وأن هناك خلايا تابعة لحماس تتسلل إلى إسرائيل ليلاً وتعود أغلبيتها إلى القطاع سالمة، وأن "الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في إيجاد رد فعال لذلك".لكن هرئيل حذر من أن "القنبلة الموقوتة الحقيقية هي أزمة البنية التحتية في القطاع. وإذا نجحت السلطة الفلسطينية بإزالة الضمادة الرفيعة جداً التي وضعهتها قطر، بتزويد الوقود للقطاع، والأمم المتحدة، فإن الوضع سيستمر بالتدهور.القدس و«أنروا»
في غضون ذلك، قال عمدة القدس المنتهية ولايته نير بركات، إن مدينة القدس تدرس خطة لإيقاف عمليات وكالة الأمم المتحدة للاجئين "أونروا" وتقديم الخدمات التعليمية والطبية للفلسطينيين بنفسها.وأضافت قناة "هاداشوت" أن حكومة بلدية المدينة يمكن أن تغلق المدارس والعيادات في مخيم شعفاط للاجئين، الذي تديره "أونروا"، وأن تمنح سكانه ذات الخدمات البلدية التي يتلقاها الفلسطينيون الآخرون المقيمون في القدس الشرقية المحتلة.وجاءت فكرة إخراج "أونروا" من القدس الشرقية، التي استولت عليها إسرائيل من الأردن في حرب عام 1967، بعد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخفض التمويل للهيئة التابعة للأمم المتحدة، والذي يصل إلى أكثر من 350 مليون دولار في العام.استجواب نتنياهو
إلى ذلك، خضع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمس، للتحقيق في قضايا فساد للمرة الثانية عشرة على التوالي، وذلك قبل يومين من مثول زوجته، ساره نتنياهو، أمام محكمة الصلح في القدس، في إطار محاكمتها والمدير السابق لمكتب رئيس الحكومة عزرا سيدوف، بتهمة "الاحتيال وخيانة الأمانة في ظروف خطيرة" غداً.وحققت الشرطة، مع نتنياهو بمنزله في الملف المعروف بـ"1000"، والملف "2000"، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان التحقيق الأخير أم لا، بعد توصية الشرطة بتقديمه للمحاكمة في الملفين بشبهة ارتكاب مخالفات رشوة.وتتعلق إحدى القضيتين بمزاعم تقديم هدايا إلى نتنياهو وأسرته بينما تتعلق الأخرى بمزاعم مناقشته الحصول على تغطية أفضل في إحدى أكبر الصحف مقابل فرض قيود على صحيفة منافسة.