الحروب الروسية السرية من القرم إلى الهجمات الإلكترونية

نشر في 07-10-2018
آخر تحديث 07-10-2018 | 00:04
مجندات روسيات في عامهن الأول من الدراسة في جامعة كراسنودار العسكرية في مدينة ستافروبول أمس      (رويترز)
مجندات روسيات في عامهن الأول من الدراسة في جامعة كراسنودار العسكرية في مدينة ستافروبول أمس (رويترز)
تتوالى الاتهامات للمؤسسة العسكرية الروسية بتنفيذ عمليات سرية على مستوى العالم لتوسيع النفوذ الجيوسياسي لروسيا التي تحاول العودة إلى الساحة الدولية، بعد الانتكاسة الكبيرة التي تمثلت في انهيار الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي.
تأتي الاتهامات التي وجهتها حكومات غربية عدة الأسبوع الماضي، حول قيام أجهزة استخبارات روسية بتدبير حملات قرصنة الكترونية عالية المستوى ضدها، لتضاف الى لائحة طويلة من الشكاوى ضد موسكو.

ومن الظهور المفاجئ لـ "الرجال الخضر" في شبه جزيرة القرم في فبراير 2014 قبل ضمها الى روسيا، الى توجيه اتهامات الخميس الماضي، لعملاء روس مفترضين في الولايات المتحدة، يتوالى اتهام المؤسسة العسكرية الروسية بالقيام بعمليات سرية على مستوى العالم لتوسيع النفوذ الجيوسياسي لموسكو.

ووصفت بريطانيا روسيا بأنها "دولة مارقة"، لكن موسكو نفت كل المزاعم الحالية ضدها، واعتبرتها حملة تستند الى أدلة ظرفية واتهامات خاطئة.

وعند ظهورهم في شبه جزيرة القرم في فبراير 2014 مدججين بالأسلحة ومن دون شارات رسمية، أطلق معارضون لموسكو على هؤلاء الجنود السريين اسم "الرجال الخضر"، في حين سماهم الموالون "الرجال المحترمين".

كان وجودهم أساسيا أتاح السيطرة الفعلية على مؤسسات القرم السياسية وقواعدها العسكرية ووسائل مواصلاتها.

وادعى "الكرملين" في البداية أن ميليشيات محلية خططت ونفذت عمليات السيطرة، ووصل الأمر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى القول إن الأسلحة الحديثة التي بيد هؤلاء المقاتلين يمكن شراؤها من المخازن التي تبيع السلاح الفائض للجيش.

لكن بعد ضم القرم رسميا، اعترفت موسكو بأن الجنود المتخفين كانوا قوات روسية خاصة.

رودشينكوف

وفي أواخر عام 2015، فر المدير السابق للمختبر الروسي للكشف عن المنشطات غريغوري رودشينكوف الى الغرب، في وقت توصلت لجنة خاصة يرأسها ريتشارد ماكلارين الى كشف مخطط تقف خلفه الحكومة الروسية لاستبدال عينات بول الرياضيين الروس من أجل إخفاء الأدلة على تناولهم المنشطات.

وذكر تقرير ماكلارين الذي تضمن أدلة تم جمعها من رودشينكوف وشهود آخرين أن جهاز الأمن الفدرالي (FSB) ووزارة الرياضة الروسية ضالعان في هذا المخطط.

وكان استبدال عينات بول الرياضيين الروس عبر فتحة سرية في جدار المختبر، إحدى الطرق التي تم استخدامها لخداع سلطات الكشف عن المنشطات في أولمبياد سوتشي الشتوي عام 2014.

ويخضع رودشينكوف حاليا للحماية بموجب برنامج لحماية الشهود، بينما توفي المسؤولان السابقان في إدارة الكشف عن المنشطات فياشيسلاف سينيف ونيكيتا كاماييف بفارق أسبوعين في فبراير 2016.

ونفت موسكو وجود مخطط تقف وراءه الدولة، في حين وصف بوتين رودشينكوف بأنه "أحمق" ولديه "مشاكل قانونية".

وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة في نوفمبر 2016، زعمت أجهزة الاستخبارات الأميركية أن موسكو عملت على التأثير في نتيجة هذه الانتخابات، مما نتج عنه فتح تحقيق أميركي وفرض عقوبات على روسيا وتبادل طرد الدبلوماسيين.

واتهمت الاستخبارات الأميركية موسكو بأنها وراء مجموعتي "كوزي بير" (الدب اللطيف) و"فانسي بير" (الدب الجميل) المخصصتين للقرصنة، واللتين استهدفتا الحزب الديمقراطي.

وتم نشر رسائل الكترونية لموظفين رفيعي المستوى في حملة هيلاري كلينتون على الإنترنت.

وأكدت شركة "مايكروسوفت" أن مجموعة "كوزي بير" أنشأت صفحات مزورة مشابهة لصفحات مراكز أبحاث أميركية ومجلس الشيوخ الأميركي من أجل سرقة رسائل الكترونية وكلمات مرور من الصفحات الحقيقية.

ونفت موسكو تدخلها في العملية الانتخابية، وقالت إن كل المزاعم تعكس صراعا داخليا يهدف الى تقويض رئاسة ترامب.

سكريبال

واتهمت بريطانيا الحكومة الروسية بإعطاء الأمر لنشطاء استخباراتها العسكرية لاغتيال الجاسوس المزدوج السابق سيرغي سكريبال الذي تم العثور عليه غائبا عن الوعي مع ابنته على مقعد خشبي في مدينة سالزبوري البريطانية في مارس الماضي.

واشتبهت الشرطة البريطانية بقيام رجلين روسيين بتسميم سكريبال بواسطة غاز الأعصاب "نوفوتشيك" السوفياتي الصنع، ولاحقا ظهر الكسندر بيتروف ورسلان بوشيروف على التلفزيون الروسي ليعلنا أنهما يعملان في بيع الأغذية الصحية للرياضيين وزارا سالزبري كسائحين.

لكن وسائل الإعلام ربطت بين أحد الرجلين وشخصية الضابط الرفيع في الاستخبارات الروسية أناتولي تشيبيغا.

ونفى بوتين أي ارتباط بتسميم سكريبال وابنته، ودعا بريطانيا الى تقاسم معلومات تحقيقها مع روسيا من خلال القنوات الرسمية.

والأسبوع الماضي، وجهت الولايات المتحدة الاتهام الى سبعة من عملاء وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية "جي آر يو" بكونهم مشاركين في مخططات لقرصنة الحزب الديمقراطي والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وشركة الطاقة النووية الأميركية "وستينغهاوس" ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وكشفت السلطات الهولندية أن العملاء الروس أعدوا سيارة محملة بتجهيزات إلكترونية في موقف سيارات فندق "ماريوت" قرب مقر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، في محاولة لقرصنة نظامها المعلوماتي.

وقد حصل ذلك في أبريل، في وقت كانت المنظمة تُحقّق في تسميم سكريبال في إنكلترا وفي هجوم كيميائي مفترض في منطقة دوما بسورية نسبه الغربيّون إلى القوات الحكومية السورية. ولم تربط السلطات الهولندية رسميا بين محاولة القرصنة وهذين التحقيقين اللذين كانت تجريهما المنظمة.

ووصفت روسيا هذه المزاعم بأنها "هوس تجسسي".

back to top