بوتين وترامب... يدمران المجتمع الدولي!
يمر العالم بمرحلة صعبة من الفوضى، وحالة عدم اليقين بسبب التوجهات العبثية والعدوانية التي يمتلكها زعيما قطبي العالم؛ الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، والتي أدت تقريباً إلى تحطيم ما كان يسمى بالمجتمع الدولي، الذي تكوّن بعد حرب تحرير الكويت، وسقوط الاتحاد السوفياتي، وهو من لعب دوراً في استقرار العالم في العقود الثلاثة الماضية.العالم يعيش اليوم بين ترامب المتنمر، والذي يعبث بكل الاتفاقيات الاقتصادية والقانونية والأمنية الدولية، ويبتز دولاً ومنظمات عبر بث مباشر على الهواء، كما يفعل "البلطجية"، وبين نظيره الروسي ضابط الـ "كي جي بي" السابق، المولع بالعمليات الاستخباراتية السرية من اغتيالات بغازات محظورة وعمليات تلاعب بالانتخابات في الدول الأخرى، واختراق وسرقة معلومات الأنظمة الإلكترونية، ودعم رئيس النظام السوري الذي هدم غالبية وطنه على رأس شعبه، واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد أبناء وطنه.
المشهد العالمي شكله عبثي، فها هو ترامب من وراء الميكرفون يمارس دور "الفتوة" الذي يقدم الحماية مقابل المال، بعد أن أسقط كل القيم الديمقراطية والحقوقية التي مكنت أميركا من قيادة العالم الحر لأكثر من نصف قرن، وأسقطت النظام الشيوعي وحلفاءه بسبب تلك القيم، إذ إنه لو لم تكن الشعوب الروسية مؤمنة بتلك القيم لكان النظام السوفياتي قائماً إلى يومنا هذا.والمؤسف أن كلام ترامب وأفعال بوتين نرى من يصفق لهما من المتطرفين الأوروبيين ونظرائهم الأميركيين الانعزاليين والعنصريين، بما يشكل تهديداً حقيقياً للعالم، بأن تلك الأجواء تشبه شكل الساحة العالمية ورموزها قبل الحرب العالمية الثانية، فيما أصبحت الأمم المتحدة منظمة عاجزة بسبب قصور صيغة عمل مجلس الأمن الدولي، التي تتبادل فيها واشنطن وموسكو استخدام الفيتو للدفاع عن انتهاكات إسرائيل من الأولى، وجرائم بشار الأسد ضد الإنسانية من الثانية.لذا، إن لم تجد الدول الديمقراطية والمعتدلة من أوروبا حتى طوكيو، ومن برازيليا حتى جوهانسبرغ، صيغة لتجمع دولي جديد يقف في وجه ذلك التطرف والعبث بمستقبل العالم، فإن القادم من أحداث سيكون خطيراً، خصوصاً بعد أن قوضت روسيا وأميركا كل أدوات المجتمع الدولي للتعامل مع الأزمات والصراعات الدولية والمطالب الإنسانية.أما نحن في العالم العربي فنعيش في عين عاصفة فوضى بوتين - ترامب، من خلال ما يحدث في سورية وفلسطين المحتلة، ومحاولات الابتزاز الأميركية، وهو ما يتطلب أن تعيد جميع الأنظمة العربية حساباتها، وخاصة مع شعوبها ومحيطها، وتنحي خلافاتها جانباً لمواجهة ما يريد فرضه علينا واغتصابه منا الثنائي الروسي/ الأميركي، وهما للعلم في حقبة ترامب على مستوى عال جداً من التنسيق وتطابق أهدافهما في العالم العربي.