أقامت رابطة الأدباء الكويتيين، على مسرح د. سعاد الصباح، حفلا لتأبين الروائي الراحل إسماعيل الفهد، وجاء بعنوان "شهادات وذكريات عن الأديب الإنسان"، واقترح الأمين العام للرابطة طلال الرميضي تسمية شارع ومدرسة باسم إسماعيل الفهد.

في البداية، قالت الروائية مريم الموسوي: "بكل أسى ودّعنا الأديب إسماعيل فهد إسماعيل، مؤسس فن الرواية في الكويت، الذي ترك بصمة في حياة كل من التقى به، وبعض اللقاءات لا تتم إلا عبر الكلمات".

Ad

ومن ثم قال الرميضي: "حقيقة نحن في هذا المقام يؤلمنا أن نتذكر الأستاذ الكبير إسماعيل فهد إسماعيل، الذي كان غيابه مفاجئا، ومؤثرا، وفجعنا بخبر حمل إلينا الأسى برحليه، وإذ تنعى الرابطة هذا الأديب/ التاريخ، فإننا نستذكر بكل اعتزاز ما حققه للرواية الكويتية في فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث حقق تحولا نوعيا وفنيا للرواية، ووضع منهجها على المسار الصحيح، ليصبح الراحل مدرسة في الأدب الروائي سارت على نهجه أجيال عديدة، وحقق الكثيرون منهم التفوق".

وتابع الرميضي: "نستذكر جهوده في أنشطة الرابطة، وإقامة ورشة ضخمة تتناول فن كتابة الرواية، استفاد منها المبدعون، وكانت بمشاركة الروائي عبدالرحمن الحلاق، كما تنوعت أعمال الراحل بين الرواية، والقصة، والمسرح، والنقد، ليحمل باقتدار صفة الأديب الذي تفتخر به دولة الكويت، لكونه حقق حضورا ليس محليا فقط، بل وعربيا".

وأوضح أنه هذه الندوة ستكون جزءا من أنشطة وفعاليات ستقوم بها الرابطة بحق هذا الرمز الثقافي الكويتي، الذي يعتبر قدوة للشباب الكويتي المبدع، لافتا إلى أنه تم تخصيص ملف يناير من مجلة البيان، ليكون ملفا خاصا عن الراحل وإبداعاته الأديبة.

وأضاف الرميضي أنه ستتم مخاطبة وزيري التربية والبلدية بشأن تخصيص مدرسة وشارع باسمه، "حتى يكون منارة تستمر في تنوير الطريق للشباب المبدع".

شكر وإشادة

من جانبه، وجه نجل الراحل، أسامة فهد إسماعيل، كلمة شكر فيها جميع من ساهم في تأبين والده، وكتب عنه في وسائل الإعلام، وأيضا شكر كل من قدّم واجب العزاء، قائلا: "عزاؤنا الوحيد هو محبة الناس له"، مشيدا بكلمة الرميضي واقتراحه تسمية شارع ومدرسة باسمه، ولافتا إلى أن ذلك الشيء يدعو إلى الفخر.

ورقة عمل

وقدم د. حسين الحاتم ورقة عمل بعنوان "الجدية عند إسماعيل فهد إسماعيل"، وقبل الحديث عن ورقته قال د. الحاتم إنه التقى أبا فهد أول مرة في عام 2011، وذكر أنه لم يكن على معرفة شخصية، لكنه استطاع أن يكوّن صورة ذهنية عنه عن طريق قراءته لبعض أعماله الأدبية والنقدية. ومن ثم استعرض مجموعة من روايات إسماعيل لبيان الجدية فيها، ومنها رواية "كانت السماء زرقاء"، ورواية "المستنقعات الضوئية".

أما الروائي محمد جواد فقدم ورقة بعنوان "المعلم الذي أعرف"، وقال: "لعلكم لا تعلمون أن من يرافق كاتبا، فإن عليه أن يتحمل تبعات هذه الرفقة في اللحظات كلها، تقلباته بين الشدة في التدوين وفي مراحل تعسّر الكتابة، إلا إسماعيل الفهد فهو السامي على كل اللحظات خلال عمله الأدبي، فهو من النادرين الذين تجدهم في عز محطاتهم الكتابية بكامل الألق والترحيب، فما إن تدخل عليه حتى تعلو وجهه الابتسامة، فيستقبلك بعبارات الترحيب بصدق وبهجة".

وأضاف جواد: "إسماعيل لم يكن يزعجه التوقف الفكري أو التعلق بتسلسل الفكرة، ولا ينزعج من أن يقطع كل ذلك مرور شخص ما، وكأن كل ما ينوى كتابته موجود في ذاكرته".

أما الروائي عبدالرحمن الحلاق فقدّم ورقة بعنوان "في رثاء إسماعيل"، وقال: "بكل تأكيد أن لكل شخص اقترب من إسماعيل فهد قصة خصه بها، وبكل تأكيد هي قصة فيها منا لحب الكثير، ومن احترام الآخر الكثير ومن التواضع الكثير".

وأضاف: "كان همه الأكبر زرع بذرة القراءة والبحث عن المعرفة، لذلك كان إصراره في المحترفات الثلاثة أن يكون كتاب "فن الشعر" لأرسطو مدخلا لامتلاك تقنية الكتابة الروائية، كان يدرك تماما أهمية القراءة، ويدعو إلى قراءة مئة رواية قبل الشروع في كتابة رواية جديدة.

من جانبها، قالت الكاتبة هبة مندني: "إسماعيل فهد إسماعيل... عرفتك في البداية أديبا تزهو بك كل كلمة كتبتها في صفحات روايات قرأتها لك، ثم عرفتك معلما تفخر به قاعات هذا المبنى وممراته".

وأضافت مندني: "بو فهد كما يناديك الجميع، أستاذ إسماعيل كما يروق لي أن أناديك... لن أودعك، فأنت باق معنا، لأن المبدعين الحقيقيين لا يرحلون، ستظل معنا لأننا نحبك ونعرف جيدا أنك تعرف ذلك".

الوقيان: الرواية منحته الموقع الذي يستحقه

قال د. خليفة الوقيان إن لإسماعيل فهد فضائل عدة، نذكر منها أنه أعطى للرواية كل اهتمامه وصحته حتى الأيام الأخيرة من حياته، لافتا إلى أن الرواية أعطته الموقع الذي يستحقه على خريطة الأدب العربي، وأيضا على المستوى العالمي.

وأضاف أنه رسول للرواية أينما ذُكرت، مؤكدا أن إسماعيل قام بدور مهم لا يقتصر على أنه مبدع، بل رائد لكل الأجيال التي ظهرت بعده، وقام بالتوجيه والرعاية، ولم يكن يبخل على أي أحد بخبرته وتوجيهاته.

وتابع د. الوقيان: "الأمر الآخر أن إسماعيل لم يخطئ بحق أحد، حتى الذين يخالفونه فكريا وفنيا، ظل يحترمهم، ويختلف معهم في حدود أدب الحوار، ولم نسمع منه كلمة نابية بحق من اختلفوا معه". وفي الختام قال د. الوقيان: "نرجو من تلامذته أن يكملوا هذه المسيرة الجميلة".