وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعيين القاضي المحافظ بريت كافانو عضواً في المحكمة العليا، بالانتصار الهائل، منتقدا خصومه الديمقراطيين الذين وصفهم بـ «المتطرفين والخطيرين جدا لتولي السلطة».

وكان مجلس الشيوخ صادق ليل أمس الأول، على تعيين كافانو، لتنتهي بذلك أسابيع من السجالات والمواجهات السياسيّة الشرسة التي تخلّلتها اتهامات للقاضي بارتكاب اعتداء جنسي عندما كان شابا.

Ad

وحصل كافانو الذي نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع، على غالبيّة ضئيلة في مجلس الشيوخ (50-48)، وقدّم بذلك انتصاراً سياسياً مهماً لترامب الذي يريد تعزيز موقع الجمهوريين قبل شهر من انتخابات منتصف الولاية.

وأشاد ترامب بالنجاح في تأكيد تعيين بريت كافانو قائلا إنها «ليلة تاريخية حقيقية ونصر هائل»، وذلك خلال تجمع سياسي له في ولاية كانساس.

وقال الرئيس الأميركي منتقدا خصومه: «أنت لا تعطي الكبريت لمشعل حرائق ولا تسلم السلطة لحشد غاضب من الجناح اليساري، لقد أصبح الديمقراطيون متطرفين وخطيرين جدا لتولي السلطة». وتابع أمام الحشد: «كل واحد منكم سيحظى بفرصة في غضون أربعة أسابيع لتقديم حكمه»، وكان كثيرون يرتدون قبعات حمراء تحمل جملة «اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى».

وفي تغريدة لاحقة، كتب ترامب الذي دافع بشدّة عن كافانو قائلاً: «أهنّئ مجلس الشيوخ على تثبيت مرشّحنا الرائع».

في المقابل، انتقد الرئيس الأميركي عضوة مجلس الشيوخ عن ولاية ألاسكا ليزا موركوفسكي، ووصفها بأنها «وصمة عار» لكونها السناتور الجمهوري الوحيد الذي صوت ضد تعيين بريت كافانو في المحكمة العليا.

وقال: «اعتقد أنه كان تصويتا محزنا جدا. اعتقد أنه كان، بصراحة، وصمة عار».

وأعرب ترامب عن تقديره للسيناتور الديمقراطي جو مانشين الذي دعم ترشيح كافانو، لكنه كرر خيبة أمله من موركوفسكي.

وأضاف: «لقد فعلت الكثير من أجل ألاسكا، لقد صدمت برؤية تصويتها. أعتقد أنه سيسجل كيوم حزين بالنسبة لها لأنه سيصبح قاضيا عظيما في المحكمة العليا».

وبعد تثبيته، أقسم القاضي كافانو اليمين الدستورية لينضمّ بذلك إلى أعلى محكمة في الولايات المتّحدة والتي تتحقق من دستورية القوانين وتفصل في أكثر النزاعات الشائكة في المجتمع الأميركي مثل الحق في الإجهاض وعقوبة الإعدام وتنظيم حيازة الأسلحة النارية وزواج المثليين وحماية البيئة.

وأدى القاضي اليمين داخل مبنى المحكمة، أثناء احتجاج مئات الأشخاص في الخارج.

اعتقال متظاهرين

واعتقلت الشرطة عددا من المتظاهرين الذين تجمّعوا على بُعد أمتار من مدخل مبنى الكابيتول حيث مقرّ الكونغرس، رغم الطوق الأمني الذي أغلق المنطقة المحيطة بالمبنى.

وتمكّن نحو 150 شخصًا من أصل 2000 متظاهر، معظمهم نساء، من اختراق العوائق. وهتف المتظاهرون ضدّ كافانو، رافعين لافتة ضخمة على الجهة الشرقية للمبنى المواجه لمبنى المحكمة العليا كُتب عليها «نوفمبر اقترب»، في إشارة إلى انتخابات منتصف الولاية.

وبوصول كافانو، المدافع المتحمّس عن القيَم المحافظة إلى المحكمة العليا، يُصبح القضاة التقدّميون (أربعة من أصل تسعة) أقلّيةً على امتداد عقود في المحكمة العليا، اذ انهم يبقون لمدى الحياة.

وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل «إنه يوم عظيم لأميركا»، مهنئاً زملاءه لأنهم «رفضوا الرضوخ لذاك الضغط الهائل».

ويُشكّل هذا الأمر انتكاسةً للديمقراطيين والناشطين في مجال الحقوق المدنيّة الذين تحرّكوا منذ ترشيح كافانو في يوليو لمنع تثبيته.

ولا يزال الديمقراطيون يشعرون بمرارة الهزيمة منذ التعيين السابق لأحد أعضاء المحكمة العليا بعد نجاح الجمهوريين في تمرير ترشيح ترامب نيل غورساتش الذي أدى إلى مزيد من ميل المحكمة إلى المحافظين في قراراتها.

وكان القاضي كافانو ضامناً تثبيته عندما خرجت امرأة من الظل في منتصف سبتمبر واتهمته بمحاولة اغتصابها خلال أمسية لطلاب مدرسة ثانوية العام 1982.

وكان لهذه الاتهامات وقع هائل في بلد حسّاس إزاء مسألة العنف الجنسي منذ فضح ممارسات المنتج هارفي واينستين وعشرات من أصحاب النفوذ في أعقاب انطلاق حركة «#مي تو» (أنا أيضا).

وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ تابعها 20 مليون أميركي، قالت كريستين بلازي فورد، وهي أكاديمية في الحادية والخمسين من العمر، إنّها «متأكدة بنسبة 100 في المئة» من أنّ كافانو حاول اغتصابها في حين كانت في الـ15 وكان هو في الـ17.

ميلانيا

وكانت السيدة الأولى في الولايات المتحدة ميلانيا ترامب صرحت قبيل التصويت النهائي على كافانو، أنه «مؤهل تماما» لعضوية المحكمة العليا، مشيرة إلى أنها مسرورة لقيام كافانو بالرد بنفسه على الاتهامات التي وجهتها له بلازي فورد.

وقالت ميلانيا إنها مسرورة أيضا لأن مكتب التحقيقات الاتحادي (FBI) حقق في هذه الاتهامات، مؤكدة أن ضحايا الاعتداءات الجنسية يجب أن يحصلوا على مساعدة، مضيفة: «أنا ضد كل صورة من صور الاعتداء أو العنف». من ناحية أخرى، حضت ميلانيا الناس على أن يحدّوا من اهتمامهم بملابسها. وقالت إن رسالة جولتها التي شملت غانا ومالاوي كينيا ومصر هي أن تظهر للعالم «أننا نهتم».