شهد تصوير فيلمك الأخير «عن الآباء والأبناء» مخاطر كثيرة، ألم تخش التعرض للموت؟

غامرت كثيراً في الفيلم، وواجهت مخاوف حقيقية، لأن جزءاً من التصوير كان في حقل ألغام. كنت أخشى أن ينفجر لغم وأتعرض لإعاقة تجعلني أخسر عملي، أو أن أختفي وسط هذه الجماعات وأتعرّض للتصفية الجسدية ولا أعود إلى عائلتي... هذه المخاوف كافة كانت موجودة بالتأكيد لأنني إنسان.

Ad

ما هو أصعب موقف تعرضت له خلال التصوير؟

ثمة مواقف متعددة بسبب طبيعة التصوير الخطرة، خصوصاً مع المهاجرين، سواء من مصر أو تونس أو الدول العربية عموماً، فهم يرفضون التصوير وعندما كنت استخدم كاميرا خفية كنت أخشى أن يعرفني أحدهم أو يتعرّف إلى شكلي من الصور الموجودة على الإنترنت.

ما هو الوقت الذي استغرقه تصوير الفيلم؟

استغرق نحو 330 يوماً على مدار 30 شهر تقريباً.

قبل التصوير هل نسّقت مع جهات محددة بهذا الشأن؟

نسقت مع جهات معتدلة مسلحة، لم أذكر اسمها في الشريط السينمائي كي لا أتسبب لها بمشاكل، خصوصاً أن هذه التنسيقات تمت بشكل ودي، وبعض الجهات لا يزال موجوداً في المنطقة. كذلك نسقت مع مساعد المخرج ليراقب تحركاتي في الداخل، لا سيما أنني كنت أغيب لفترات.

نظرة سياسية

هل ترى أن النظرة السياسية إلى الفيلم ظلمته؟

أي فيلم مرتبط بالسياسة يُنظر إليه نظرة سياسية، لأن الأمور السياسية في عالمنا العربي متداخلة ببعضها بعضاً بشكل كبير، وكل شخص لديه توقعات من الفيلم السينمائي. تعتقد المعارضة أنها سترى نفسها في العمل، والموالاة تبحث عن مكانها ودورها. ولكن في الحقيقة هدفي أن أقدم فيلماً لكل العرب، وأعتقد أنني استطعت أن أحقق ذلك من خلال النسخة الأخيرة للفيلم التي شاهدها الجمهور.

ثمة انتقادات لتغييب حياة النساء بشكل كامل من الفيلم.

هذا الجزء ليس ناقصاً في الفيلم ولكنه لم يكن متاحاً لأن المرأة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتطرق إليهم الفيلم عورة، ومحرم الاستماع إلى صوتها والتحدث إليها، فهم يعيشون في مجتمع ظلامي يمارس ظلمه عليها، وهي للأسف عاجزة لا تستطيع فعل أي أمر، ولا تعرف حقوقها. وفي تقديري الشخصي، المرأة ضحية الفكر الظلامي.

لكنك لم تبرز هذه الأمور بشكل واضح في الفيلم.

عنوان الفيلم «عن الآباء والأبناء» ويحكي عن العلاقة بين هذين الطرفين، وعن دور الآباء في إيصال العنف إلى أبنائهم من صغرهم وتوريثهم إياه لرغبتهم في بناء الخلافة المزعومة، فالآباء الذين قصدتهم هم أصحاب الفكر الظلامي.

مؤامرة وجائزتان

هل تعرضت لتهديد بعد عرض الفيلم؟

وصلني تهديد من شقيق إحدى الشخصيات الرئيسة عبر حسابي على «تويتر»، وقال إنني جزء من المؤامرة الغربية عليهم وإن موعدنا قريب، ولكني لم أهتم بكلامه.

هل توقعت حصول الفيلم على جائزتي أفضل فيلم وثائقي وعلى النجمة الفضية من مهرجان الجونة؟

لم أتوقع ذلك، لأني أولاً لم أكن أعرف طبيعة الجوائز في المهرجان، ولكني سعدت كثيراً بالجائزتين من مصر أم السينما العربية، وقوة الأفلام التي شاركت في المهرجان تجعل سعادتي مضاعفة.

والفيلم عرض في الخارج وحصل على تقديرات من روسيا والولايات المتحدة وأكثر من دولة حول العالم، واعتقد أن الاهتمام به نابع من كونه يتطرق إلى موضوع حساس في مجتمعنا ويذهب إلى مناطق مختلفة لم يتطرق لها عمل سينمائي سابقاً، إذ يكسر تابوهات عدة.

انتقاد جمال سليمان

حول الانتقاد الذي وجهه الفنان جمال سليمان إلى الفيلم ورفضه أحداثه، يقول طلال ديركي: «لدى جمال وجهة نظر سياسية يريد أن تكون موجودة في الفيلم والتعبير عنها بشكل واضح. والحقيقة أن ما يحدث على الأرض يتغير بين عام وآخر وثمة تطورات كثيرة، وإذا كانت لدى أحد رغبة في مناقشة موضوع ما بفيلم سينمائي عليه أن يراعي الحوادث كافة على الأرض. مثلاً، الحكومة السورية ليست مسؤولة عن الإرهاب في أفغانستان أو في سيناء».

تابع: «في فيلمي حاولت أن أتعامل مع الموضوع من وجهة نظر التربية العنيفة والمتشددة للأطفال، بمعزل عن الجانب السياسي. وفي رأيي، هذا أمر من المهم مناقشته وطرحه لتحديد آلية التعامل معه مستقبلاً وتوضيح حجم الظلم الذي يتعرض له الشباب هناك».