أكدت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية أن إقرار قانون "التقاعد المبكر"، يخضع لحكم المادة 66 من الدستور، أي يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء.

وانتهى التقرير، الذي أحالته اللجنة، الأربعاء الماضي، إلى مجلس الأمة، رغم إعلان التصويت عليه قبل أسبوعين، وحصلت "الجريدة" على نسخة منه- انتهى إلى الموافقة على اقرار "التقاعد المبكر" كما هو، ورفض مرسوم الرد بعد أن فندت أسبابه.

Ad

وقالت "المالية"، في مقدمة تقريرها: "قد سبق للمجلس الموافقة على مشروع القانون في المداولة الثانية بجلسته المعقودة يوم الثلاثاء 15 مايو الماضي، وإحالته الى الحكومة في دور الانعقاد السابق، ومن ثم فإن مرسوم الرد المشار إليه يخضع لحكم المادة 66 من الدستور التي تقضي بأن اقرار القانون يتطلب ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس".

وتنص المادة 66 من الدستور على: "يكون طلب إعادة النظر في مشروع القانون بمرسوم مسبب، فإذا أقره مجلس الأمة ثانية بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره خلال ثلاثين يوما من إبلاغه إليه. فإن لم تتحقق هذه الأغلبية امتنع النظر فيه في دور الانعقاد نفسه. فإذا عاد مجلس الأمة في دور انعقاد آخر إلى إقرار ذلك المشروع بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره خلال ثلاثين يوما من إبلاغه إليه".

رأي الحجرف

وتضمن تقرير اللجنة رأي وزير المالية نايف الحجرف، الذي أكد للجنة ان قانون التقاعد المبكر، الذي وافق عليه المجلس بمداولتيه، قد شابه عوار دستوري، فضلاً عن مخالفته القواعد القانونية المستقرة وإضافته لأعباء مالية تثقل كاهل الميزانية العامة.

وأضاف الحجرف أن الحكومة ترحب بدراسة أي اقتراحات يتقدم بها الأعضاء تهدف إلى إزالة العوار الدستوري، الذي شاب مشروع القانون، مؤكداً أهمية التعاون بين السلطتين بما يحقق الأهداف المرجوة.

من جهة ثانية، جاء رأي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالتأكيد على أنها تحرص على متانة وضع صناديق المعاشات لديها، وذلك حفاظاً على قدرة هذه الصناديق على الوفاء بالتزاماتها المالية، ومن أجل ذلك فهي تسعى إلى ايجاد التوازن بين الاشتراكات التي تحصلها الصناديق والاستحقاقات التي تؤديها، ولا أن هذا التوازن المطلوب تحقيقه سيختل بصورة أكبر علاوة على الاختلال الموجود فيه أصلا إذا تم اقرار هذا القانون.

وأضافت "التأمينات" أنه وبالرغم من اتجاه مؤسسات التأمين وانظمة التقاعد في معظم بلدان العالم الى رفع سن التقاعد، الا اننا طرحنا العديد من البدائل اثناء الاجتماعات، والتي تسمح بالتقاعد المبكر الاختياري دون الإضرار بوضع الصناديق المالي، ولكن لم تتم الموافقة على هذه البدائل.

لا عوار دستوريا

وذكرت اللجنة في تقريرها أنها اطلعت على الأسباب التي وردت بالمرسوم رقم 166 لسنة 2018 لرد مشروع القانون بتعديل بعض احكام قانون التأمينات الاجتماعية، الصادر بالامر الاميري رقم 61 لسنة 1976.

ورأت اللجنة أن مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس لم يشبه اي عوار دستوري، فكافة الأسباب التي أوردتها الحكومة في مرسوم الرد لم تجد اللجنة لها سندا في الدستور او القانون، وذلك كما يلي:

فقد جاء بالسبب الأول أن مشروع القانون جعل التقاعد المبكر الاختياري هو الأصل، بالإضافة الى حالات التقاعد المبكر المنصوص عليها في قانون التأمينات الاجتماعية، وهي حالات العجز الكامل عن العمل، واستنفاد الاجازات المرضية وعدم اللياقة للخدمة صحيا، والحالات التي يشكل فيها استمرار المؤمن عليه في العمل تهديدا لحياته، وهو ما يتعارض مع احكام المادة رقم (11) من الدستور، التي تقضي بأن تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل، وهو ما عليه العمل وفقا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية المعمول بها.

وترى اللجنة أنه لا علاقة بين الأمرين المشار اليهما في الرد السابق كأصل واستثناء، فالتقاعد المبكر الاختياري الذي ورد بمشروع القانون هو نظام قائم ومستقل بذاته، وكذلك حالات التقاعد المبكر التي نص عليها قانون التأمينات الاجتماعية، اذ تجسد هي ايضا نظاماً قائما ومستقلا بذاته، ولا توجد أي علاقة بينهما حتى يقال ان احدهما اصل والآخر استثناء.

فإذا أضفنا أن المادة (11) من الدستور اوردت ما تكفله الدولة للمواطنين من معونة بشكل عام وليس على سبيل الحصر، فبالتالي فان المعاشات التي تصرف للمتقاعدين هي عبارة عن استحقاق يترتب على مضي سنوات خدمة محددة في القانون، يتم خلالها استقطاع من رواتب الموظفين، ثم اداؤها اليهم في المعاش من رب العمل سواء كان هو الدولة او احدى مؤسساتها او غيرهما، وفق نسب يحددها القانون، مع الاخذ بعين الاعتبار ان التأمين الاجتماعي وانظمة التقاعد مبنية على مبادئ تضامنية ترعاها الدولة من خلال الخدمات التي توفرها مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

ووفقا لما سبق فإنه لا يوجد أي تعارض مع المادة رقم (11) من الدستور.

وقد جاء في السبب الثاني ان الاقتراح بقانون الغى بلوغ سن معينة للاحقية بالمعاش بالنسبة لبعض الفئات مما يتيح لها صرف معاش مبكر والتوقف عن سداد الالتزامات المستحقة عليها، في حين ان باقي الفئات التي تتمتع بذات المركز لم يقرر لها ذات المكنة، وفي ذلك تمييز غير مبرر ويخالف بالتالي نص المادة (29) من الدستور الخاصة بمبدأ المساواة بين ذوي المراكز المتماثلة.

المادة الرابعة... سليمة

أكدت اللجنة المالية، في تقريرها، أن نص المادة الرابعة من الاقتراح بقانون لا يخالف أياً من المواد الدستورية المشار اليها، وذلك لأن نظام الإحالة للتقاعد طبقا لنص المادة (76) من نظام الخدمة المدنية نظام استثنائي من قاعدة الاحالة للتقاعد ببلوغ السن القانونية وهو نظام مقرر أو يجب ان يكون مقررا وفق شروط وضوابط معينة، وإلا أصبح سيفا مصلتاً على رقاب الموظفين العموميين، ويخل بأهم ضماناتهم الوظيفية، وهي الاستقرار والاطمئنان النفسي لمباشرة الاعمال المكلفين بها، ومن ثم فإن حق المشرع أن يراقب او يعدل في هذه الشروط والضوابط، بل يلغي الاستثناء بالنسبة لحالات معينة، وفقا لما يراه محققا للمصلحة العامة، باعتباره صاحب الاختصاص الاصيل في هذا الشأن.

وأضافت اللجنة أنه «ليس في ذلك اعتداء على اي من اختصاصات السلطة التنفيذية في هذا الخصوص، خصوصا ان المشرع الدستوري لم يعط هذه السلطة الحق في هذا الامر، بل حينما نص في المادة (74) من الدستور على ان يعين الأمير الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين لدى الدول الاجنبية، ويعزلهم وفقا للقانون، انما قيد هذا الاختصاص بضرورة ان يتم ذلك وفقا للقانون».

وتابعت بأنه بناء على ذلك «فإن منع السلطة التشريعية من حماية الموظفين العموميين من التعسف المحتمل للسلطة التنفيذية بإحالتهم الى التقاعد، كلما رأت ذلك دون مراعاة للشروط والضوابط المقررة في هذا الشأن، هو الذي يتعارض مع أحكام الدستور والقوانين المنظمة لذلك وليس العكس؟