لا «بعث» بعد الآن!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
لقد كان هذا الحزب واعداً ومبشراً، بعد بروزه في عام 1947 كضرورة قومية، لتحقيق الوحدة العربية وتوحيد الوطن العربي، الذي تمت شرذمته بعد انهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وبعدما "تناهشه" المنتصرون في تلك الحرب، وهم على وجه التحديد بريطانيا وفرنسا، والحقيقة أن البدايات كانت واعدة، وأن أعوام الخمسينيات من القرن الماضي كانت ذروة تألقه، وأن وجوده الفعلي كان في دول الهلال الخصيب؛ سورية والعراق والأردن وفلسطين ولبنان.المهم، وهذا كان قاله بعض رموز وقادة هذا الحزب، أن ركوب "البعث" لظاهرة الانقلابات العسكرية كان بمثابة الطامة الكبرى بالنسبة إليه، وأنه تحول من حزب "نضالي" إلى مجموعات وجماعات عسكرية ومدنية تقتتل وتتقاتل على الحكم وعلى المواقع السلطوية، وأنه قد بدأ مشوار التصفيات والإقصاءات منذ اللحظة التي تسلم فيها الحكم بانقلابي عام 1963 في العراق أولاً، ثم في سورية، وبعد ذلك بدأت السجون العراقية والسورية تستقبل أفواجاً متلاحقة من "الرفاق"، الذين كانوا قد عاشوا أجمل مراحل الأخوة الرفاقية في خمسينيات القرن الماضي، وفي بدايات ستينياته، حيث كان الأمل الذي يراود الحزبيين وقطاعاً شعبياً واسعاً في العديد من الأقطار والدول العربية هو: "أمة عربية واحدة... ذات رسالة خالدة".إنه لم يكن متصوراً في تلك البدايات "الجميلة" أن يُصبح المؤسسان لهذا الحزب، ميشيل عفلق وصلاح البيطار، ومعهم لاحقاً مؤنس الرزاز، مطاردين ممّن يفترض أنهم رفاقهم، وأن الأول أصبح لاجئاً في العراق بعدما غدا "البعث" بعثين، ولم يعد حتى قبره موجوداً بعد انهيار عام 2003، في حين أن الثاني قد لحقه رصاص رفيقه حافظ الأسد إلى باريس، وفجر رأسه هناك في ديار الغربة. أما الثالث (أبو مؤنس) فقد تم إعدامه، وهو رهين المحبسين بمنزله في بغداد، بمنع وصول علاجه الضروري إليه.