أدى الجفاف المنتشر هذا الصيف إلى حرائق مهولة في الغابات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويبدو سلام أيرلندا وازدهارها على الأمد الطويل مرتبطين مرة أخرى بقوى خارجة عن سيطرتها.سيؤدي خروج بريطانيا غير المنظّم من الاتحاد الأوروبي السنة المقبلة على الأرجح إلى إعادة فرض رسوم جمركية قوية على الحدود، فضلاً عن قيود على الحركة على الأرجح، بين هذه الجمهورية وأيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة. ولا شك أن هذا الخروج سيقود على أقل تقدير إلى زعزعة جسر أيرلندا البري الحيوي الذي يتيح لها نقل سلعها من القارة وإليها، كذلك سيُلحق الضرر بالتجارة مع المملكة المتحدة، التي تشكّل تقليدياً سوق أيرلندا الرئيسة لتصدير واستيراد المنتجات الغذائية وغيرها من السلع.
إلى الغرب، تهدد سياسات "الولايات المتحدة أولاً"، التي تتبعها إدارة ترامب، ركيزة أخرى من ركائز الاقتصاد الأيرلندي العصري، وتشكّل العمليات التجارية التي تقوم بها في أيرلندا الشركات الأميركية الضخمة المتعددة الجنسيات، بما فيها غوغل، وفيسبوك، وآبل، وميكروسوفت، eBay، PayPal، وتويتر، نحو 90% من صادرات أيرلندا الرسمية وتشغّل 10% من يدها العاملة، لكن النقاد الأميركيين (لا ترامب وحده) يدعون أن الجزء الأكبر من هذا المردود يعود إلى إعادة توجيه أرباح الشركات الأميركية إلى أيرلندا، التي لا تفرض ضرائب كبيرة، بغية تفادي مواجهة الضرائب في الولايات المتحدة.على نحو مماثل يندد عدد من دول الاتحاد الأوروبي الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، بما يعتبره وضع أيرلندا الحالي كجنة ضريبية في الخارج بحكم الواقع، فتريد هذه الدول أن تُدفع الضرائب حيث تُجنى الأرباح.ولكن إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون أي اتفاق بشأن الرسوم الجمركية وحرية الحركة، فلا شك أننا سنشهد مجدداً قيام حدود متشددة تهدف خصوصاً إلى منع تهريب سلع المملكة المتحدة القليلة الكلفة والأقل جودة إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المؤكد أن معاودة إنشاء بنى التحكم التحتية على جانبَي الحدود، بغض النظر عمن يديرها، ستبدو للقوميين الأيرلنديين كعملية تقسيم جديدة لأيرلندا تفرضها إحدى نزوات الإنكليز والويلزيين الأنانية، فقد صوتت أيرلندا، على غرار أسكتلندا، للبقاء في الاتحاد الأوروبي، حتى أعمال العنف قد تنشب بسهولة.على دبلن أن تقرر ما إذا كانت ستواصل تمسكها بموقفها الصارم ضد أي نوع من الحدود الجمركية أو ستسعى للخروج بأفضل نتيجة ممكنة من هذا الوضع السيئ، وتحاول التخفيف من وطأة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باضطلاعها بدور صانع السلام بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.ولكن مَن سيتخذ هذه القرارات الصعبة؟ لطالما كانت أيرلندا دولة متحفظة مستقرة تحكمها حركة أو حركتان يمينيتان وسطيتان متنافستان، فيانا فايل وفاين غايل، منذ تأسيسها عام 1922، ويُعتبر كلا الخصمين متميزا اليوم بسياساته الداعمة للسوق الحرة.لكن المؤسسة الحاكمة الأيرلندية، في سعيها إلى استرضاء العاملين في المصارف المركزية وحاملي السندات في الاتحاد الأوروبي، فقدت مقداراً من مصداقيتها المحلية يفوق ما يراه غير المعنيين.يسأل النقاد المحليون: لمَ عمد رئيس الوزراء الأيرلندي بريان كوين من فيانا فايل في وقت متأخر من 29 سبتمبر عام 2009، تحت ضغط من الاتحاد الأوروبي وبحضور مديري مصارفه المتعسرة، إلى تقديم ضمانات ليس لودائع المصارف الأيرلندية فحسب بل أيضاً لحاملي سنداتها الأجانب الذين كانوا يتوقعون على الأرجح تحمل خسائرهم؟ومع تنامي الخلاف ربما يشارف هذا القرن من حكم الحزبين المستقر، الذي عاشته أيرلندا، على نهايته.* إيد أولولن* «ورلد توداي»
مقالات
الأيرلنديون قلقون من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
11-10-2018