النضج درجة نصل إليها عندما نقرر أن نتعلم من تجاربنا فنصبح أكثر حكمة في مواجهة المشاكل والتحديات، فالنضج لا يحدث تلقائياً بمجرد تقدمنا في السن، فكم من أناس في منتصف العمر وخريفه لا يتعلمون شيئاً من تجاربهم المتراكمة ولا يتوصلون إلى أي حلول جذرية أو إجراءات وقائية قد تحميهم من تكرار المشاكل ذاتها. وكذلك فإن العكس صحيح، فهناك من ينضج مبكراً وينمي المرونة الذهنية والمهارات اللازمة للتعامل مع مختلف التحديات الحياتية التي لا مفر منها. أن تنضج يعني أن تتوقف عن اجترار الأحزان وأن تسأل نفسك: «ما الدروس المستفادة؟» كي لا تكون آلامك خاوية بلا نتيجة. النضج هو التوقف عن توجيه أصابع الاتهام واللوم للآخرين والأخذ بزمام أمور حياتك، فإلى متى ستعيش دور الضحية؟أما النضج الأكبر فهو التحكم في انفعالاتك. نعم، من حقك التعبير عن استيائك، لكن الغضب والانفعال سيأخذانك نحو الدمار حيث لا ينفع الندم؛ لذلك قبل أن تغضب و«تواجه» الطرف الآخر، اسأل نفسك: ما النتيجة المرجوة من هذه «المواجهة»؟ وهل ستحصل على ما تريد بذلك الأسلوب الصِدامي؟ ليست كل الحروب تستحق الخوض فيها، فطاقاتنا محدودة. لذا فالأفضل أن نستغل هذه الطاقات ونسخرها نحو تحقيق أهدافنا وتحسين حياتنا، والترفع عن المشاعر الدنيئة من الحقد والغيرة والانتقام. الرفق هو سيد الموقف دائماً، لذا فليكن الرفق رفيقك الدائم حتى في حزمك وجدّك.
نعم، إن الوقاية خير من العلاج، وتجنب المشاكل والحفاظ على السلام فن جميل يضفي الهدوء والسكينة على حياتك، فتُفتح أبواب الإبداع والازدهار نتيجة لصفاء الذهن وحلول السلام. لكن الوقاية لا تعني تجنب الخوض في خضام الحياة والالتصاق المتردد بالجدران، فالتحديات والتجارب هي ما يُغني حياتنا ويصقل معادننا.النضج هو ذلك الميزان الداخلي الذي يُحيل حياتنا جمالاً وسلاماً كلما عرفنا كيف نضبطه، كذلك فإن النضج الحقيقي يكمن في القدرة على إيجاد الحل المناسب وإعطاء الأشياء والأشخاص في حياتنا أحجامهم المناسبة دون مبالغة أو نقصان. أحياناً تكون الحلول بسيطة جداً، وفي أحيانٍ أخرى تتطلب منا التحديات حلولاً إبداعية. هنالك متعة في إيجاد الحلول وتخطي مختلف المشكلات فلا تجعل انفعالاتك تسلب منك هذه المتعة، ولا تخف من التجدد والتغيير فهو سنّة الحياة.• «الجنون هو أن تفعل الشيء ذاته مرةً بعد أخرى وتتوقع نتيجةً مختلفةً». (ألبرت آينشتاين)
مقالات - اضافات
ميزان
12-10-2018