الأهل يعلّمون أطفالهم القلق
يشكّل العنصر الوراثي أحد الأسباب لتناقل القلق في العائلات لكنّه ليس السبب الرئيس. فالأهل قد ينقلون قلقهم عن غير قصد إلى أولادهم من خلال نمذجة سلوكيّاتٍ قلقة وتعليم أولادهم الخوف من العالم من حولهم.
أصدر حديثاً فريقٌ من المتخصّصين بعلم نفس الأطفال تقريراً يركّز على ما تظهره الدراسات حول كيف «يعلّم» الأهل أولادهم القلق. وتمحور التقرير حول اضطراب القلق العام الذي يتميّز بالقلق المفرط. واكتشف الباحثون تأثير سلوكيّات الأهل اللفظيّة وغير اللفظيّة في أطفالهم. فالسلوكيّات غير اللفظيّة بالغةُ الأهمّيّة في مرحلة الطفولة. وأشار الباحثون إلى العديد من الدراسات التي تظهر أنّ لردّة فعل الأهل الحماسيّة أو المتخوّفة أيضاً تأثيراً كبيراً في نظرة الأطفال إلى ظرفٍ يختبرونه للمرّة الأولى.أمّا المعلومات اللفظيّة فتزداد أهمّيّةً مع التقدّم في مرحلة الطفولة. فحين يستخدم الأهل كلماتٍ تلفت انتباه أطفالهم إلى جوانب مهدّدة في حالةٍ ما، يرى الأطفال بطبيعة الحال هذه الحالات أكثر تهديداً.
لكنّ الأهل لا ينقلون القلق إلى أطفالهم عن طريق نمذجة سلوكيّاتٍ قلقة غير لفظيّة والتعبير لفظاً عن أفكارٍ قلقة فحسب.ففي التقرير يستشهد العلماء بجملةٍ من البحث الذي يظهر أنّ الآباء القلقين الذين يميلون إلى كونهم أقلّ تسامحاً في مواقف مبهمة، قد يسيطرون عن كثب على بيئة أطفالهم ويصبحون أكثر حمايةٍ كأهل. وفي المقابل، يعطي هذا للأطفال فرصاً أقلّ للتفاعل مع مواقف مبهمة ومثيرة للقلق وانطباعاً أنّ عليهم تجنّب مواقف مماثلة.عموماً، يقول العلماء إنّ الأهل المصابين باضطراب القلق العام قد يكونون أكثر عرضةً لـ«نقل» رسالة أنّ العالم ليس آمناً وأنّ الحيرة لا تُطاق وأنّه يجب تجنّب المشاعر القويّة وأنّ القلق يساعد على مواجهة عدم اليقين.»وفيما يستوعب الأطفال هذه الرسالة، يواجهون خطراً أكبر بإصابتهم بدورهم باضطراب القلق العام. إذاً لن تكون مفاجأة لو أصبح هؤلاء الأطفال أهلاً يمارسون نمط الأبوّة القلقة فيتطوّر هذا القلق لدى أولادهم