الطاقات المتجددة على أبواب نمو لافت
تشكل 12.4% من إجمالي الطلب العالمي بحلول 2023
تشهد الطاقة المتجددة نمواً بمعدلات سريعة، ولكنها لم تقترب بعد من النقطة التي تمكنها من تفادي بعض من أسوأ تأثيرات تغير المناخ، بحسب سلسلة من التقارير الجديدة البارزة حول نظام الطاقة العالمي. وقد شكلت الطاقة المتجددة مصدراً لنصف الزيادة في توليد الطاقة الكهربائية الجديدة في عام 2017، وهذه مساهمة متميزة بحسب تقرير جديد صدر عن وكالة الطاقة الدولية. وبحلول سنة 2023 ستشكل الطاقة المتجددة 12.4 في المئة من اجمالي الطلب العالمي على الطاقة (وليس الكهرباء فقط)، وهذه دلالة على أن تبني طاقة الشمس والرياح حول العالم يكتسب زخماً. وفي قطاع النقل سيرتفع عدد السيارات والحافلات الكهربائية ثلاثة أمثال خلال السنوات القليلة المقبلة.
وتعتبر طاقة الشمس والرياح الخيار الأرخص في عدد متزايد من الأماكن حول العالم، كما تشهد مبيعات السيارات الكهربائية ارتفاعاً كبيراً.وهذه احصائيات مذهلة أخرى: من المتوقع ما بين عامي 2017 و2023 أن تغطي الطاقة المتجددة 40 في المئة من النمو الاضافي في استهلاك الطاقة. وبحلول عام 2023 أيضاً ستشكل الطاقة المتجددة ما يقارب ثلث اجمالي توليد الكهرباء على صعيد العالم.وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الطاقة الكهروضوئية الشمسية ستتقدم خلال السنوات القليلة المقبلة، ويتوقع لها أن تنمو بـ600 غيغاوات في 2023، بعد أن قفزت 97 غيغاوات في العام الماضي. وتعادل الـ600 غيغاوات ضعفي حجم طاقة اليابان كاملة.وتقول وكالة الطاقة الدولية أيضاً إن توزيع الطاقة الشمسية ضمن قطاع تلك الطاقة "يشكل الفارق"، ومن دون مشاريع الطاقة الشمسية الموزعة سيكون توسع الطاقة الشمسية معادلاً لطاقة الرياح. ولكن عدداً متنامياً من التطبيقات التجارية والصناعية والسكنية تضع المزيد من الألواح الشمسية على المستوى المحلي.
هبوط التكلفة الدراماتيكي
ويكمن وراء هذا النمو المتفجر في الطاقة المتجددة الهبوط الدراماتيكي في التكلفة الذي يجعلها الخيار الأرخص بازدياد. وقال تقرير وكالة الطاقة الدولية إنه "ولأول مرة يتوقع أن يتم تشغيل أكثر من نصف السعة الكهربائية المتجددة عن طريق مزادات تنافسية، وهو ما يفضي الى استمرار تقليص أسعار عروض الطاقة الكهروضوئية الشمسية الى ما بين 20 دولاراً و50 دولاراً للميغاوات/ ساعة.وجغرافيا، تحظى الصين بنصيب الأسد من النمو، وستحتضن 40 في المئة من الطاقة الكهروضوئية الشمسية في العالم. وفي غضون ذلك، يتوقع أنتستمر البرازيل في تشغيل خليط الطاقة الأنظف من حيث النسبة المئوية، لأن 45 في المئة من استهلاكها النهائي من الطاقة سيأتي من الطاقة المتجددة بحلول سنة 2023.وهذه أرقام مؤثرة وفقاً لأي مقياس. ولكنها أيضاً غير كافية لتلبية الأهداف العالمية المستدامة. وعلى الرغم من تحقيق تقدم كبير يتوقع أن تستمر الطاقة المتجددة في التخلف في قطاعي النقل والتدفئة اللذين يهيمن عليهما بشدة الوقود الحفري. والأساس في هذا المسار الراهن تقول وكالة الطاقة الدولية إن الطاقة المتجددة ستشكل 18 في المئة من اجمالي استهلاك الطاقة في سنة 2040.رقم مروع
وهذا رقم مروع خصوصا في سياق تقرير منفصل من الهيئة الحكومية للأمم المتحدة حول تغير المناخ الذي وجد أن تحديد ارتفاع درجة الحرارة العالمية الى 1.5 مئوية "سيتطلب تغيرات سريعة وواسعة وغير مسبوقة في كل جوانب المجتمع"، وهو سيناريو يبدو بعيد المنال بصورة متزايدة. وتتمثل واحدة من النتائج الرئيسية في هذين التقريرين في أنه فيما أمكن تحقيق تقدم مدهش في قطاع الكهرباء –يبدو في حقيقة الأمر أن من المحتمل بصورة متزايدة أن تتمكن طاقتا الشمس والرياح معاً مع طاقة تخزينهما من الاستحواذ على حصص كبيرة من الطاقة الكهربائية العالمية في السنوات المقبلة –بينماسيبقى الوقود الأحفوري متركزا بعمق في الكثير من القطاعات الأخرى. وقد أثارت وكالة الطاقة الدولية مراراً إمكانية حدوث نمو قوي في الطلب على النفط في قطاع البتروكيماويات، ثم إن زيادة انتاج البلاستيك تعني أن صناعة البتروكيماويات ستهيمن على أكثر مصادر النمو في الطلب على النفط، بما يعوض المكاسب التي تحدث في وقود سيارات الركاب. واضافة الى ذلك فإن استخدام النفط النقل البحري والجوي والشحن سيظل مرتفعاً بثبات وتصعب جداً إزاحته. والأكثر من ذلك أن التدفئة تشكل منطقة اخرى تظل الطاقة المتجددة فيها متخلفة الى حد كبير. وقالت وكالة الطاقة الدولية إن هذه "بقعة غير ظاهرة" وتحظى بقدر قليل جداً من الاهتمام. ولكن الأخبار الجيدة هي أن الطاقة الحيوية التي تشمل الوقود القائم على النبات ستنمو بصورة كبيرة. وقال فاتح بيرول، وهو الرئيس التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إن "الطاقة الحيوية العصرية هي العملاق المهمل في حقل الطاقة المتجددة. نحن نتوقع أن تستمر الطاقة الحيوية العصرية في قيادة الحقل وهي تملك امكانات ضخمة لمزيد من النمو". وحذرت وكالة الطاقة الدولية من أن هذه الأشكال من الطاقة يجب أن تأتي فقط من المواد الأولية. وبشكل اجمالي فإن الطاقة المتجددة مهيأة لنمو كبير وستحسن المنافسة على الوقود الأحفوري، ولكن وتيرة انتقال الطاقة لاتزال بطئية ولها مضاعفات خطيرة على كوكب الأرض.