معرض الكباب
مع اقتراب موعد افتتاح معرض الكتاب في الكويت انتشرت أخبار عن قائمة كبيرة من الكتب التي ستمنع، مما يحول هذا العرس الثقافي إلى مجرد مناسبة مملة تنحصر أهميتها في ملء الفراغ لا أكثر، حتى غدا ذلك المعرض أقرب إلى أن يكون معرضاً للكباب لا للكتاب.وقد جعلت هذه الأخبار الرقابة محط سخرية، إذ يعلم الجميع أن أي شخص يستطيع أن يعثر على هذه الكتب الممنوعة ويقرأها على الشبكة العنكبوتية، فضلاً عن مواقع بيع الكتب الإلكترونية الكثيرة وبعضها واسع الانتشار، ولكن اللافت للنظر هو ضعف مسوّغات المنع، ففي دولة مثل دولتنا لديها وزارة كاملة معنية بالتوعية الدينية والتثقيف الديني في المناهج والندوات والتلفزيون، بالإضافة إلى العادات والتقاليد التي يتسم بها المجتمع الكويتي، ومع كل ذلك يُخشى على الشباب من قراءة كتب من خلفية دينية أو فكرية مختلفة! ولماذا لا يعد الرقيب هذه الكتب اختبارا يخوضه القارئ يمتحن فيها أسسه التي نشأ عليها؟ إلا إذا كان الرقيب غير واثق من أن الجهات المعنية بتنشئة الأجيال لم تقم بعملها على الوجه الصحيح، فغدا أبناء الجيل كالورقة الهشة التي تحركها أي ريح.
إن ما هو أمرّ من هذا الافتراض هو أن يكون الرقيب قد منع هذا الكم الهائل من الكتب بسبب الجهل وبُعد النظر والرغبة في تسجيل موقف حتى لو كان هذا الموقف متخبطاً. لقد بدأت مثل هذه القرارات تسيء إلى صورة أبناء المجتمع الكويتي أمام العالم، وتبينه بصورة المجتمع الضعيف السريع التأثر بالمتغيرات واختلاف الثقافات يخشى عليه كالطفل، ومثال على ذلك ما حصل في قضية "محل الأصنام" كما يسمونها، فهل يعقل أن المواطن الكويتي المثقف المحافظ سيأتي عليه يوم ويعبد هذه المجسمات التي يعرف حتى الأطفال أنها كالدمى؟ وهل إذا قرأ كتابا عن الحضارة الإغريقية مثلاً سيقدس "زيوس" أو "أفروديت" مثلاً ويغير عقائده؟ وهنا سؤال للرقيب: هل الشباب الكويتيون سطحيون إلى هذه الدرجة؟ بل إن السؤال لا يقتصر على الشباب الكويتيين فحسب إنما على أي إنسان في أي بقعة في هذا الزمن؛ زمن التكنولوجيا والعلم والمعرفة.يبقى الأمل في أن تقوم حملة الشباب الواعين الرافضين لهذا المنع العشوائي بالتأثير في هذه القرارات وتتغير قبل حلول موعد المعرض، وإلا فإننا سنشهد عزوفا عن ارتياد المعرض مما سيكون ربما محرجاً للرقيب وللمجلس الوطني للثقافة والفنون، وخصوصاً أن معظم دور النشر ضيفة علينا.