نقاش في السوق عن «الأجل والبيوع»: أداة تمويل أم استثمار؟!
الأصل في الأدوات المالية التنوع وجذب شرائح مختلفة إلى البورصة
هل يمكن اعتبار الأجل والبيوع المستقبلية دينا مؤجلا، وتدخل ضمن نطاق التمويل وما يترتب عليه من التزامات، أم أداة استثمارية صرفة؟ نقاش فرض نفسه خلال الفترة الماضية، وذلك في إطار إعادة عملية الهيكلة والمراجعة للأدوات المالية الجديدة التي ستطرح في السوق خلال الفترة المقبلة.ففي هذا الإطار، يرى فريق أن أي مبالغ مؤجلة تترتب على عقد استثمار أو أداة مالية يجب ان تعتبر من ضمن هامش القروض، وبالتالي تحتسب من السقف المسموح به للعميل، وذهب أصحاب هذا الرأي الى أكثر من ذلك أنه يمكن إدراجها على نظام ساي نت، الذي يحتوي بيانات ومعلومات العملاء المدينين للبنوك، أو شركات التمويل، وغيرهما من أي جهات دائنة أخرى، وبالتالي سيحتسب بقية قيمة العقد المؤجلة على العميل كدين تدرج ضمن هامش الـ40 في المئة من إجمالي راتب العميل.في المقابل هناك رأي آخر يرى أن أدوات الأجل والبيوع استثمارية صرفة لا ينطبق عليها ما ينطبق على أدوات التمويل الأخرى، خصوصا أن نظام ساي نت يعنى بالقروض الشخصية.
النقاش في هذا الإطار قد يؤخر الأدوات الجديدة والحديثة لأشهر مقبلة، رغم مرور أكثر من عام على إلغاء الأجل والبيوع دون استحداث أي بديل، ورغم أن هناك عشرات الأدوات المالية التي يمكن طرحها بعيدا عن تلك التعقيدات الفنية التي ستحتاج إلى وقت طويل لتشعّب الجهات المعنية بها.
طبيعة الاستثمار
ما قد يزيد من كلفة الوقت أيضا هو النظام الذي سيكون لزاما استحداثه للربط مع البنوك والـ «ساي نت» والبنوك لمعرفة التزامات العميل قبل تطبيق أو تنفيذ أي عقد، إضافة الى الاختبارات، وهوما قد يمتد الى نهاية 2019 وفقا لآلية الإنجاز الحالية. وتقول مصادر إن طبيعة الاستثمار والمضاربة يصعب تكييفها كدين مستحق، حيث إن لكل أداة خصوصية، مؤكدة أنه في حالة اعتبار هذه العقود دينا يعني أنها ستولد مشوهة وميتة، وسيكتب لها الفشل، حيث لن تكون مشجعة بأي حال من الأحوال. وسردت المصادر جملة معطيات بشأن الجانب الفني لأداة الأجل ومسألة احتساب العقد المؤجل كدين، حيث أوضحت التفاصيل والنقاط التالية:1 - شراء عقد أجل على سبيل المثال بقيمة 100 الف دينار، ووفقا لآلية التطبيق السابقة فإن العميل يدفع 40 في المئة ويتبقى 60 في المئة، وفي هذه الحالة تكون الأسهم باسم صانع السوق أو مقدم الخدمة، وبالتالي اعتبار العميل مدينا بقيمة 60 ألف دينار، إضافة الى أن الأسهم ليست باسمه، وبالتالي يكون العميل فقد تحمّل التزاما دون أن يملك، وبالتالي حجم المخاطر سيكون مرتفعا جدا، وستفقد الأداة جاذبيتها، لاسيما أن الأصل في الأجل هو شراء كمية أسهم كبيرة بمبلغ صغير، ويؤجل الباقي مع الرهان على تحرّك السوق وتحسن مستوى السعر للسهم محل العقد، ومن ثم القيام بالبيع والحصول على هامش ربحي معقول بعد سداد الالتزام تجاه صانع السوق. 2 - طبيعة عقود السوق والأدوات المالية يمكن أن تسبب ربكة مصرفية في البيانات والمعلومات الخاصة بالعميل، حيث إن هذه العقود ليست لأهداف طويلة الأجل، فغالبا ما يهدف العميل إلى المضاربة السريعة والتخارج، وبالتالي سيكون السجل المصرفي للعميل مضطربا ومتغيرا بشكل أسبوعي.عقد محدود
3 - اعتبار العقود ضمن هامش المديونية يعني أنه قد يصعب على العملاء والمستثمرين شراء أكثر من عقد في وقت واحد، أو بالكاد يمكن السماح له بعقد محدود الكمية والمبلغ، علما بأنه في السابق كان العميل يمكنه شراء أكثر من عقد على أكثر من شركة. 4 - هل يسمح وقت السوق وطبيعته بفحص كل عميل ومعرفة وضعه المصرفي وهامش الديون، إذا علمنا أنه حتى الآن لم يتم تطبيق التحقق المسبق، ولا تزال هناك عمليات بيع تتم على المكشوف، ويتم تسويها لاحقا بعد اكتشافها، وإزاء ذلك يمكن القول ببساطة إنه سيتم حرمان شريحة كبيرة من الاستثمار أو استغلال تلك الأدوات من جانب أفراد وصغار المستثمرين غير المليئين ماليا. 5 - الرهان على نجاح مثل هذه الأدوات على اعتبار أنها ستوجه للمؤسسات والصناديق والمحافظ، فإنه يمكن تأكيد أن الأفراد هم الأكثر إقبالا عليها، خصوصا أنها تتيح للفرد شراء كمية أسهم كبيرة بمبالغ صغيرة. 6 - تقترح مصادر استثمارية أنه يمكن تفادي تعقيدات اعتبار الأجل كقرض، وذلك بتحديد شرائح زمنية للعقد، بمعنى أنه إذا تجاوزت مدة العقد ثلاثة أشهر يمكن اعتبارها كقرض، وبالتالي يكون شراء العقد لستة أشهر أو عام بداية اعتباره كقرض، وبالتالي يكون هناك توازن وليس فرض اتجاه واحد يفقد الأدوات المالية التي تهدف في الأساس الى التنوع وجذب شرائح مختلفة للاستثمار في السوق.فجوة مؤجلة
7 - تحذر المصادر من أنه إسقاط استحقاقات مالية ناجمة عن أدوات استثمارية كقرض سيعقد غالبية الأدوات المالية التي قد تطرح في البورصة، لاسيما أن فلسفتها تعتمد على الفجوة المؤجلة، والمارغن يعتمد كذلك على إتاحة مبلغ أكبر للعميل للتعامل به، مشيرة الى أن إدخال الأدوات المالية ضمن هامش القرض المستحق للعميل يعني انه قرض استهلاكي والأدوات المالية استثمار، ولا علاقة لها بالتمويل الاستهلاكي أو غيره من المقسط والتسهيلات الفردية الأخرى. في حين حسمت مصادر مالية أخرى الأمر بأن الأدوات المالية والاستثمارية مطبقة في كل أسواق العالم، ولن يكون هناك اختراع لنظام جديد أو أدوات من الفضاء، وبالتالي يمكن الاطلاع على أكثر من تجربة أو دعوة شركات الاستثمار لتقدم كل شركة الأداة التي تراها مناسبة وقادرة على توفيرها لعملائها، وتتحمل هي التوعية وتسويق الأداة وحتى المخاطر المحيطة بها، ويكون لها حرية منح العميل ورفض آخر بناء على تقييمها لسمعة وموقف العميل والثقة به.