الرئيس يقود معركة «النصفية»
مع احتدام معركة التجديد النصفي للانتخابات التشريعية، التي ستجري في السادس من الشهر المقبل، يتعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب والحزب الجمهوري لضغوط كبيرة وسط استطلاعات رأي تشير إلى احتمال فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس النواب وتعادلهم على الأقل في اقتسام مقاعد مجلس الشيوخ.يطرح هذا السيناريو تحديات قد تحوّل ما تبقى من ولاية ترامب إلى كابوس سياسي بكل ما للكلمة من معنى في مفاهيم السياسة الأميركية، ما قد يضطره إلى الاستعانة مراراً وتكراراً بصوت نائب الرئيس لضمان تمرير القوانين داخل مجلس الشيوخ، عملاً بالدستور الأميركي الذي يعطيه الحق في المشاركة بالتصويت إذا كانت الأصوات غير كافية في أي مواجهة سياسية مقبلة.في حين ستسمح سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، بتفعيل آلية دستورية للتصويت على عزله، على ما يصرح ويتوعد به العديد من نواب الحزب الديمقراطي، رغم أن تحقيق هذا الهدف، يحتاج أيضاً إلى تصويت أكثرية 60 عضواً في مجلس الشيوخ للموافقة على عزل الرئيس.
هذا ما جرى مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون، الذي صوت مجلس النواب على عزله بعد فضيحة علاقته بالمتدربة السابقة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي في تسعينيات القرن الماضي، لكنه بقي في منصبه بسبب عدم تمكن الحزب الجمهوري من تأمين أكثرية 60 صوتاً لتمرير قرار العزل في مجلس الشيوخ.وفيما لو تحقق هذا السيناريو فستكون نتائجه السياسية وخيمة على رئاسة ترامب ما قد يحرمه جدياً من المنافسة في الانتخابات الرئاسية عام 2020، ويحوّل السنتين الأخيرتين من عهده إلى ما يصطلح على تسميته أميركياً بالبطة العرجاء. هذا ما يدفع ترامب إلى تكثيف حملاته الانتخابية في العديد من الولايات وخصوصاً التي فاز فيها بأصوات العمال والشرائح الصغرى من الطبقة الوسطى، كأوهايوا وأيوا وميشيغان وبنسلفانيا... وهي ولايات ديمقراطية تاريخية مكنته من الفوز في السباق الرئاسي عام 2016.ترامب في هذا المجال يسعى إلى استخدام شتى المعارك السياسية سواء كانت داخلية أو خارجية، لترويج خطابه ووعوده الانتخابية السابقة، التي يعدد فيها إنجازاته في هذا المجال.وحرصه على الاحتفاظ بولاء طائفة المسيحيين الإنجيليين الأكثر تشدداً والأكبر عدداً، جعله يخوض مواجهة سياسية واقتصادية قاسية مع تركيا لضمان إطلاق سراح القس الإنجيلي آندرو برنسون من السجن واستقباله في البيت الأبيض فور وصوله إلى واشنطن، سامحاً للأخير بإقامة صلاة شكر ودعم له ولرئاسته أمام الصحافيين، في مشهد انتخابي ختمه ترامب بسؤال وجهه إلى زوجة القس عن تصويتها. ترامب يروج بشكل مكثف نجاحاته الاقتصادية ويراهن على تراجع مستوى البطالة إلى أدنى مستوى منذ عام 1969، وعلى نجاح حربه التجارية مع الصين بعدما تمكن من إجبار المكسيك وكندا على إعادة توقيع اتفاقية تجارية جديدة معهما سميت باتفاقية USMCA بدلاً من اتفاقية NAFTA. وهو يسعى إلى تكرار الحرب التجارية، التي خاضها الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان ضد العملاق الياباني في ثمانينيات القرن الماضي مع الصين.ترامب لم يتوان في مهاجمة سياسات البنك الفدرالي لرفعه سعر الفائدة مما أدى إلى هبوط أسعار بورصة نيويورك في الأسبوع الماضي، رغم عودة انتعاشها بعد زوال عوامل القلق عن أداء الاقتصاد الأميركي وتراجع المخاوف من انعكاسات المواجهة التجارية مع الصين.