«المعابر»... والأزمة السورية!
ليس ربما، بل من المؤكد أن فتح المعابر الحدودية السورية يريح الشعب السوري كما يريح بالطبع نظام الأسد ويريح الدول المجاورة كلها، وهذه مسألة معروفة ولا نقاش فيها، لكن ما تجب الإشارة إليه هو: هل ستغير هذه الخطوة واقع الحال في هذه الدولة التي غدت شبه مدمرة كلها، والتي لا تزال مقطعة الأوصال وجزء من جغرافيتها لا سيطرة لهذا النظام عليه؟ كل هذا بينما لا يوجد على الأقل في المدى المنظور ما يؤكد أنه سيتم توفير ما يمكن أن يعيد بناء هذا البلد الذي أصبح شبه مدمر كلياً.المعروف أن روسيا، الدولة الأكثر تورطاً في الأزمة السورية، تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وهذا فوق أنه ليس لدى الممولين والاقتصاديين الروس الجرأة على خوض مغامرة الذهاب بأموالهم إلى بلد مدمر وغير مستقر أمنياً وجزء كبير منه لا سيطرة لنظامه القائم عليه، ويقيناً فإن هذا ينطبق على المستثمرين العرب وأصحاب رؤوس الأموال في الدول الغربية وحتى على السوريين الذين لديهم الإمكانيات المالية.
ولعل ما لا يأخذه بعين الاعتبار بعض الذين يسيل لعابهم للاستثمار في سورية هو أن هناك حلولاً سياسية للأزمة السورية يتم طبخها كلها على نار هادئة، تدور حول قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يؤكد ضرورة إنجاز الحل السياسي المطروح الذي تتمسك به الولايات المتحدة والدول الأوروبية وأغلبية دول العالم المعنية، والذي يتحدث عن دستور جديد ومرحلة انتقالية وانتخابات رئاسية وتشريعية جديدة، وهذا يعني، ولأن رأس المال جبان كما يقال، أنَّ الكل بانتظار هذا الحل.ولهذا يجب أن يكون واضحاً ومعروفاً أن فتح المعابر هذا قد يخفف الوطأة على المواطنين العاديين، لكنه "لن يخرج الزير من البير" وأنه قد يعيد بعض اللاجئين السوريين إلى بلدهم لكنه لن يعيد على الإطلاق نحو سبعة ملايين لاجئ ولا حتى نصفهم... ولا عُشرهم أيضاً، فالثقة غدت معدومة بين الشعب السوري وهذا النظام، بالإضافة إلى أن بشار الأسد كان قد قال بعظمة لسانه إنه لن يسمح بإعادة الواقع "الديموغرافي" إلى ما كان عليه.ولذلك مرة أخرى فإن فتح المعابر الحدودية قد يكون مطلوباً وضرورياً للسوريين ولبعض العرب، لاسيما الدول العربية المجاورة، مع العلم أن هذه المعابر كلها، بما فيها معبر "جابر – نصيب" على الحدود الأردنية السورية، بقيت مفتوحة فترة طويلة بعد انفجار الأزمة السورية، لكن المشكلة الأولى هي أن أوضاع هذا البلد العربي لا تزال غير مستقرة، لا أمنياً ولا سياسياً ولا أيضاً طائفياً واجتماعياً، وثانياً أن الحل السياسي المنشود المبني على قرار مجلس الأمن رقم 2254 لا يزال يصطدم بعراقيل فعلية كثيرة، أما ثالثاً فهو أن اللاجئين السوريين مازالوا يخشون العودة، خصوصاً أن معظمهم قد أصبحت بيوتهم وقراهم إن لم تكن مدمرة فهي شبه مدمرة.