تسابقت الصحف خلال السنوات الماضية في دعوة المختصين التربويين وطرح التقارير المختلفة التي تصدرها المنظمات الإقليمية والدولية رغبة في التوصل إلى آلية مناسبة لتقييم أداء مؤسسات التعليم العالي عبر المعلمين والباحثين، أقول ذلك بعدما دقت تقارير المؤسسات الدولية كالبنك الدولي ناقوس الخطر، لافتة الأنظار إلى ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري أو "رأس المال البشري"، كما أشار باحثو النبك الدولي، فما سبب تقاعس السياسة التعليمية عن تطبيق الإصلاح والتحديث؟ ولماذا تختلف تقارير البنك الدولي سنويا فتشيد تارة وتنتقد تارة أخرى؟ فالبنك الدولي على سبيل المثال وصف التعليم في الكويت بضعف التحصيل العلمي للطلبة، وبالساعات الدراسية الأقصر في العالم، وذلك في تقريره الذي نشر عام 2004، وعلى إثر التقرير باشرت الدولة باختبار سياستها التعليمية.
ثم أصدر البنك الدولي تقريراً أقرب ما يكون إلى المجاملة، وذلك بوصف مسار الكويت التعليمي بالصحيح، وذلك في تقريره الصادر عام 2017.واليوم يعود بتقريره الأخير لينتقد الفجوة التعليمية وأداء الكويت المتدني في مؤشر رأس المال البشري، وذلك بإعلان احتلال الكويت المرتبة الـ77 عالميا والأخيرة خليجياً، وخرج بتوصيات هادفة لتعظيم رأس المال البشري.ووسط تقارير النقد والمجاملة تأتي المحاور الخمسة المقترحة من قبل باحثين تربويين، والتي تقوم عليها العملية التعليمية، ألا وهي المنهج، والمعلم، والمؤسسة التعليمية، والمعلومة، والمسؤول.واليوم لا يمكننا أن نصل إلى مفاصل العملية التعليمية إلا من خلال الاستماع إلى الآراء التي تخرج من صلب العملية التعليمية. ومن خلال الندوات العديدة التي تابعتها لفت نظري تلك التي أجريت في العام الماضي، وقد شارك فيها معلمون من صلب العملية التعليمية، فأجمعوا على أن مسار التعليم من سيئ إلى أسوأ، وأن العملية التعليمية ما زالت بلا رؤية أو تخطيط، وحذروا من ضعف المخرجات وغيرها من الهموم التعليمية، ودقوا ناقوس الخطر بقضية بالغة الخطورة ألا وهي "النجاح الوهمي"، أي استجابة المعلم للضغوط السياسية ومنح الدرجات لغير مستحقيها. (انظر "القبس" 8 أكتوبر 2017). ووسط الغمز واللمز أشار المشاركون في الندوة إلى مدارس الـ"في آي بي" الحكومية التي تتصف بالكثافة الطلابية العالية، ونسب النجاح المرتفعة والمبالغ فيها "النجاح الوهمي"، وبالتالي تضخم فرص البعثات، ثم تعرض الطلبة للفشل الدراسي بعد عام أو اثنين. فهل وصلت الرسالة؟
مقالات
التعليم ما بين المجاملة والنقد
17-10-2018