في عام 2003م سقط النظام البعثي في العراق إثر حملة أميركية، وتم تسليم العراق لإيران عن طريق سيطرة حزب الدعوة العراقي الموالي لإيران، وأصبح العراق يدار من طهران وبالتحديد من يده الحديدية (الحرس الثوري)، الذي تفرع عنه حزب الحشد الشعبي. وبالعودة إلى التاريخ وفي بداية القرن السادس عشر ميلادي سيطر الصفويون بقيادة الشاه إسماعيل الصفوي على فارس، وتمدد إلى داخل العراق لتحويل شعبه إلى المذهب الشيعي والولي الفقيه، كما كان يراه إسماعيل الصفوي، وكان الصدام مع العثمانيين لأن التمدد الصفوي استهدف الأناضول كذلك.
وقد خاض العثمانيون الذين كانوا على المذهب السني حربا مع الصفويين في معركة جالديران انتصر فيها العثمانيون، وسيطروا على العراق، وعاد الفرس إلى حدود بلادهم، لكن النظام الإيراني بولاية الفقيه يسيطر على العراق منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003م إلى اليوم، ويكاد العراق يصبح تابعاً لا بل محافظة إيرانية، فالقرار بشأن وضعه السياسي يُتخذ في طهران، وأمام العراق ذي الثلاثين مليونا من البشر تحدٍّ اسمه الاستقلال، الذي لا يقبل شعبه هيمنة أجنبية كما يتضح ذلك من تاريخه المعاصر منذ الحرب العالمية الأولى. التاريخ بالنسبة إلى العراق أعاد نفسه من القوى ذاتها، ولكن ليس بالأساليب نفسها، حدث ويحدث ذلك في ظل صراع القوى الكونية الذي يعيشه الوطن العربي عموما، وفي ظل التراجع الذي عاشه ويعيشه العراق منذ عقود. ما نعرفه عن التاريخ أنه لا يعيد نفسه لأن سمته الأساسية التطور، بيد أن هناك استثناءات لا بد من أخذها بعين الاعتبار، والتحدي الجديد اليوم هو استقلال دول الوطن العربي من الاستعمار الإقليمي والدولي، فتركيا ليست بعيدة عن الهيمنة على المياه والأراضي السورية والعراقية، وإسرائيل تنتظر جني الثمار. إن الذي يعتقد أن التاريخ قد مضى فهو مخطئ، لأن التاريخ ممتد وحاضر ومؤثر، وعلينا أن نعيد قراءته، ونحاول الإجابة عن سؤال: هل يعيد التاريخ نفسه؟ وهو اليوم يمثل تحديا لاستقلال العراق ودول عربية أخرى.والسؤال متى ينتهي هذا المسلسل، ويتحقق الاستقلال الحقيقي، فمعركة الاستقلال اليوم أقسى وأصعب مما كانت عليه مع الاستعمار الغربي؟!
مقالات
هل يعيد التاريخ نفسه؟
17-10-2018