أقامت مكتبة "تكوين" أمسية شعرية للشاعرين محمد النبهان ومحمد العتابي، وقدم الأمسية حسين المطوع وقدم الشاعران خلالها فيضا من إبداعاتهم الشعرية، التي تتوهج فيها الكلمة في أجمل صورها، وتمحورت القصائد حول العديد من المفاهيم الإنسانية.

وتألق الشاعران في إلقاء قصائدهما تلك التي احتوت على أغراض ورؤى شعرية متنوعة، ومفردات ذات علاقة بالحياة في مختلف صورها وأشكالها، إضافة إلى التنوع في استخلاص المضامين والرؤى التي تناوش الواقع والخيال.

Ad

واستهل الشاعر محمد النبهان الأمسية بقصيدة أهداها إلى روح صديقه الأديب الراحل إسماعيل الفهد، النبهان قدّم في قصيدته لمحات إنسانية عن رحلة المبدع الراحل وقال:

مطر خفيف/ نخرج من الفندق الذي يطل على/ مقبرة صينية قديمة/ إلى نافذة مكتب الصالحية/ مطر صباحي خفيف/ ومقبرتين، وفارق التوقيت/ المجاز الذي كنت تسميه/ ابن الذاكرة/ "ربما ينصتون" قلت فهل تسمع الآن كلامي/ المعلق في مطر مدينة/ بعيدة، وفارق توقيت.

ومن ديوانه "حكاية الرجل العجوز" الصادر في عام 2015، والكتاب عبارة عن قصيدة واحدة في 66 صفحة، يقترب فيها النبهان من ذاكرة تمتد منذ الماضي البعيد، حتى المستقبل الأبعد.

وفي الأمسية قرأ النبهان مقتطفات من حكاية هذا الكهل المرتحل بين المطارات ليقول:

لكن قلبك أدمن الجوازات وأختام العبور/ (منذ الرصاصة التي أخطأتك قبل قليل وأصابت رأسا طائشا)/ يا صاحب اليد الخفيفة/ مأخوذ بمغامراتك وانتصار المزيف فيك/ حين أوقفتك دورية/ كنت كأي جبان صلبا/ تفرد محفظتك الصغيرة /أمام البندقية.

الجانب المعتم

أما الشاعر محمد العتابي فقد قرأ مجموعة من القصائد، منها قصيدة "ذئبك المنسي في المعنى"، حيث يقف الشاعر على الجانب المعتِم من الظل كضوءٍ نحيلٍ يبحث عمّا وراء النافذة:

لا شيءَ غير الشحوب يسكن الغرفة/ لا الستائرُ مستيقظة/ ولا جفنكَ المسدولَ استراحَ في غفوة الترحال/ ولا تجد الورقَ الأبيضَ الذي يستفزّ فيك الحبر/ ولا خلفك الجدارُ الرطبُ الذي لا تعلمُ إلى أيّ بابٍ سيُفضي.. / ومثل همس الريحِ في الفراغ الضيق/ تنادي عليك السنابل/ لا شيءَ غير المناجل تسكن هذا الحقل/ لا الكوخُ الذي تقرأ فيه صمتَ الحجارة/ ولا الحجرُ الذي تَشْتمُّ فيه رائحةَ العطش/ لا السماءُ خلعتْ رداءَ الليل ولا الوردةُ تتنفّس دهشةَ النحل.

وفي قصيدة "ارتحالٌ أخير" يشحذ العتابي سكينه يشرح فيه قسمات الليل، لكن النصل البارد لا يطفئ تنهد الفراشة في الخريف:

أنت لا تعلم أيّ دغلٍ يُوغر فيك/ وأيّ عُشبٍ يتنفّس الحجرَ المتيقّظ في صدرك/ يلمِسُك القشُ الذي يُهرول ناحيةَ الجدول/ مثلَ كرة. الريحُ تخدِش النافذة،/ تحكُّ جلدَها الموشومَ بالحصى، /صوتٌ يُشبه الحشرجةَ، يدكَ القابضةُ على الدمِ في عروقكَ/ تشتهي التوهج والنفير.