ينبغي لكل الذين مازالوا غير واثقين من تصويتهم في انتخابات منتصف الولاية أن يفكّروا في الواقع التالي: يسيطر على فروع الحكومة الثلاثة كلها اليوم حزب واحد، ويخضع هذا الحزب لسيطرة ترامب.ومع تعيين بريت كافاناه، تصبح المحكمة العليا جمهورية بالكامل، شأنها في ذلك شأن مجلسَي النواب والشيوخ. تبين أن كافاناه موالٍ بقوة لحزبه، ولا يُعتبر المستشار القانوني الذي ساعد كينيث ستار في مقاضاة بيل كلينتون ووجه عموماً سياسة جورج بوش الابن بشأن تعذيب المعتقلين فقط، بل يشكّل أيضاً مرشحاً يعتقد أن "اليساريين" والمتعاطفين مع كلينتون يسعون إلى الإيقاع به.
انضم كافاناه إلى أربعة قضاة آخرين عينهم الجمهوريون ولا يقلون عنه تأييداً لهذا الحزب، فلم يحِد كلارنس توماس، وسامويل أليتو، وجون روبرتس مطلقاً عن العقيدة الجمهورية، أما نيل غورستش، الذي لا يملك بعد سجلاً بارزاً في المحكمة العليا حتى اليوم، فقد كان الصوت الجمهوري المحافظ المتوقع في محكمة الاستئناف في الدائرة الأميركية العاشرة. وهذا ما دفع مؤسسة التراث إلى الترويج له وترامب إلى تعيينه.حتى في ظل الظروف الطبيعية، عندما تكون كل فروع الحكومة تحت سيطرة حزب واحد، نحصل على حكومة غير متوازنة لا تتفاعل مع قيم جزء كبير من الناخبين، لكننا لا نمر اليوم بظروف طبيعية: يتبوأ ترامب سدة الرئاسة. ترامب ديماغوجي لا يأبه بالديمقراطية ولا ينفك يهاجم بشراسة الصحافة الحرة، والديمقراطيين، والمهاجرين، والمسلمين، والرياضيين السود الذين يمارسون حقوقهم بموجب التعديل الأول، وادعاء النساء تعرضهن للتحرش الجنسي، وكل مَن ينتقده أو يعارضه، كذلك لا يدّعي حتى أنه رئيس كل الشعب، فكما أوضح مراراً في التغريدات والمهرجانات الانتخابية، هو رئيس "قاعدته".لا شك أن كل هذا كان سيُعتبر سيئاً جداً حتى لو كان فرعان من الحكومة يضطلعان بالمهمة التي كلفهما بها واضعو الدستور: العمل كضوابط تبقي الرئيس على الدرب الصحيح، ولكن مع قيادة جمهورية، يأبى هذان الفرعان تأدية هذا الدور في تفاعلهما مع ترامب.تحوّل مجلسَا الشيوخ والنواب إلى مجموعة من متملقي ترامب ومادحيه، ومجموعة خائفة، وجبانة، وانتهازية، أما القلائل الذين يتجرؤون على انتقاد انتهاكاته، فلا يترشحون لولاية جديدة.يحاول البعض النأي بأنفسهم عن عدد من تغريداته الملتهبة وتشدقاته العنصرية، إلا أن معظمهم يبقون أعواناً خاضعين طائعين في شتى المسائل الأخرى، منها تردد ترامب في حماية نزاهة نظامنا الانتخابي، وخطواته لعرقلة التحقيق في التدخل الروسي، وحروبه التجارية، وهجماته ضد منظمة التجارة العالمية... وقد تبين أن زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أحد أتباع ترامب الأكثر وقاحة. فقد وضع الحزب قبل الأمة وترامب قبل الحزب، واليوم، بعد تعيين كافاناه في المحكمة العليا، ما عدنا نأمل أيضاً أن تضبط هذه المحكمة سلوك ترامب.تُعتبر وجهات نظر كافاناه بشأن الامتيازات التنفيذية والسلطة الرئاسية واسعة جداً، لذلك قد يسمح لترامب على الأرجح بطرد المحقق الخاص روبرت مولر، أو يحميه من الملاحقة الجنائية، أو حتى يمنحه عفواً، أما زملاء كافاناه الجمهوريون في المحكمة، فسيجارونه على الأرجح.إذاً، كيف يمكننا إنقاذ الضوابط، التي تُعتبر ضرورية وملزمة بموجب الدستور، في وقت نحن بأمس الحاجة إليها؟ العلاج الوحيد أن ينتزع الناخبون من الجمهوريين في السادس من نوفمبر مجلس النواب أو الشيوخ أو ربما كليهما.بات احتمال حدوث ذلك أعلى اليوم مع انضمام كافاناه إلى المحكمة العليا وتحرر ترامب بكل وضوح مما قد يضبط سلوكه، إلا إذا صار عدد كبير من الناخبين محبطين وخائبي الأمل، مما يدفعهم إلى الاستسلام.إذا كانت السخرية تحقق الفوز، فلا شك أن ترامب ومَن يفرحون بتراجع الديمقراطية الأميركية (بمن فيهم بوتين بالتأكيد) سينالون مبتغاهم، وسيحظون بدولة أميركية مكسورة.لذلك، من أجل القيم التي نعزها ومؤسسات ديمقراطيتنا التي اعتمد عليها آباؤنا ويحتاج إليها أحفادنا، من الضروري ألا نسمح بحدوث أمر مماثل.آن الآوان اليوم لنفرض ضوابط على الرئيس الأقل اتزاناً بين الرؤساء كافةً ولنصوّت من هذا المنطلق.* روبرت ب. ريتش
مقالات
احتواء الكارثة
18-10-2018