للصمت دويّ أشد وقعاً من الكلمات، فالصمت ردٌ بليغ يرتقي بك فوق الصراخ والرديء من الحديث. إن الصمت يأخذك إلى ما بعد الجدال واللوم نحو السمو والرقي. أما الصبر فهو ضبط النفس والتحكم في انفعالاتها، والسماح للأمور بالتكون ثم التجلي بصورتها الطبيعية والأصيلة، ألم تسأم من مطاردة الآخرين من أجل الحصول على "حقك"؟ إن الهوس بأن تكون دائماً على حق لعبءٌ ثقيل، تخلّ عنه وستصبح حراً تسبح بخفة في هذا الكون االشاسع. ليس الصبر التلوي في مكانك بانتظار نتيجة ما، فالصبر هو حضور اللحظة الحاضرة بكل وعيك وحواسك، وإيمانك أن الأمور ستتغير في الوقت المناسب.
حل الكثير من المشاكل في حياتنا هو اتباع سياسة "اللاعمل"، نحن نتحرك وننفعل كثيراً، فتُستنزف طاقاتنا ونبدو بصورة سخيفة وعاجزة كذلك! وفي صراخنا وضيق أفقنا فإننا نخيف الطرف الآخر، فتصبح الأمور أكثر ضبابية، حيث يبدأ بإخفاء الحقائق واتباع مبدأ السرية خوفاً من ردود أفعالنا الطفولية! لذا فإن الرفق وتقبل الآخر هما سبيلك نحو حياة صادقة وشفافة، اسمح للأشياء أن تكون وستزال غشاوة الأنا عن عينيك.لكن احذر من أن يكون صمتك ضعفاً وصبرك خنوعاً، فكم نحتاج إلى الشجعان في زمن المتهربين الجبناء، أولئك الذين لا يسعهم سوى تفريغ قبحهم وغضبهم خلف الأسماء المستعارة ومقود السيارة، واستعراض قوتهم الزائفة أمام الضعفاء. لذا فإن البلاغة تكمن في حسن اختيار أوقات صمتنا وكلامنا في تلك الرقصة الأزلية ما بين الحرب والسلام. أن تتأصل فيك هذه الصفات الإنسانية يعني التخلي عن غرائزك الدنيئة من صراخ وانفعال، وذلك يتطلب الكثير من الوقت وتدريب الذات، حيث إن الإخفاق وارد فنحن بشر في نهاية المطاف. لكن عندما نرى أن النتيجة هي المزيد من القوة والحرية والسلام فسندرك أن هذه القيم تستحق منّا بذل بعض المجهود.ما أسهل الكلام! إن الاختبار الحقيقي يظهر عندما توضع على المحك، فكيف ستتصرف حينها؟* "العاقل من عَقَل لسانه". الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
مقالات - اضافات
صمتٌ بليغ
19-10-2018