مَنْ «يلملم» شمل هـذه الأمـة؟!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
أنا أعرف أن هناك مَن لم يصل بهم الإحباط إلى كل هذه الحدود، وأن هؤلاء يقولون، بل مقتنعون بأن هذه الأمة العظيمة مرّت بظروف أصعب من هذه الظروف، سواء في المرحلة العثمانية أو قبلها بعد انهيار الدولة العباسية وفي العهد الصفوي، وفي عهود متداخلة ومتلاحقة كثيرة، لكنها بقيت دائماً وأبداً كطائر الفينيق (العنقاء) الذي كلما ألقي في نار متأججة اللهب، لا يلبث أن يخرج من بين الرماد ويفرد جناحيه ويحلّق مجدداً ومرة أخرى في السماء.إن هذه قناعة لا بد من تقديرها، واحترام أصحابها، لكن واقع الحال، في ظل كل هذه المآسي التي نراها ونعيشها يومياً، يجعلنا نرى طائر "الفينيق" هذا طائر نوم نسمع نعيقه صباحاً ومساء، وحتى خلال نومنا، إذْ إن الصراع في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي كان سياسياً، وكان يوصف بأنه بين "تقدميين" و"رجعيين"، وبين "قوميين" و"إقليميين"، وبين "وحدويين" و"انعزاليين"، أما الآن فلا حول ولا قوة إلا بالله، الصراع الذي قد يكون مقبولاً في السابق أصبح صراعاً طائفياً ومذهبياً وصل الانحطاط بأطرافه إلى مستويات بدائية، كنا اعتقدنا في مراحل المد القومي أننا تخلصنا منها إلى الأبد!لكن مع ذلك، فإننا قد نتجرَّأ ونجبر عيوننا على رؤية بصيص ضوء ضئيل في نهاية هذا النفق المظلم، ونرى مَن ينهض من بين كل هذا الركام وهذا الانهيار الأخلاقي قبل الانهيار السياسي ويرفع راية لملمة شمل هذه الأمة، ويسبح ضد هذا التيار الجارف ويضحّي... نعم يضحي، لأن أمتنا وشعوبنا تستحق التضحية، وتستحق أن يحاول أي "متطوع" مرة ثانية وثالثة وألفاً.. وهكذا فإنه قد لا يصح إلا الصحيح!