بإمكان الآليين «كينغورو» و{كينشيرو»، اللذين وُصفا في مجلة «علوم الآليين»، أداء حركات تشبه إلى حد كبير حركات الإنسان، ومن الممكن استعمالهما كنموذج يساعد العلماء في تصميم دمى تحطم وأطراف اصطناعية أفضل، فضلاً عن تحسين فهمنا للتفاعلات الداخلية الغامضة في جسم الإنسان أثناء التحرك.يطوّر الباحثون آليين يشبهون الإنسان منذ سنوات. ولكن ما زالوا يصطدمون بعقبات من الضروري حلّها، حسبما يكتب معدو الدراسة. يضيفون: «من الحدود التي تواجه الآليين التقليديين تصميمهم وفق نظريات الهندسة، وعلم الميكانيك، والإلكترونيات، والمعلوماتية التقليدية».
يعود ذلك في جزء منه إلى أن الآليين التقليديين يُعدّون غالباً من قطع صلبة تفتقر إلى المرونة، في حين أن جسم الإنسان (باستثناء الهيكل العظمي) يُصنع من مواد طيعة، كالجلد والعضلات والغضاريف، ما يمنحه مرونة أشمل وقدرة أكبر على التكيّف مع بيئة لا يمكن توقعها.يتابع معدو الدراسة موضحين أن الآليين التقليديين يُبنون غالباً مع التركيز على تطبيق واحد، كالمساهمة في المهام اليومية أو المساعدة في أوقات الكوارث.«في المقابل، سعينا إلى تصميم آليينا استناداً إلى الأجهزة البشرية، من بينها بنية العضلات والهيكل العظمي، والجهاز العصبي الحسي، وأساليب معالجة المعلومات في الدماغ، ذلك كله بغية تحقيق أهداف ترتبط بالعلم، كتكوين فهم أعمق عن الآليات الداخلية في جسم الإنسان»، وفق العلماء.يستطيع آلي مماثل مساعدة الباحثين في إدراك كيفية عمل جسمنا بدقة بتزويدهم بنموذج حقيقي يمكنهم إجراء التجارب عليه.يكتب العلماء: «تكمن الخصائص الأساسية لتحسين الآليين وراء بنية جسم الإنسان وعمليات حركته. وهكذا نجحنا في تضمين تصميمنا عناصر تسهّل الالتزام بدقة بجهاز العضلات-الهيكل العظمي في جسم الإنسان».
أبعاد بشرية
لتصميم كينشيرو وكينغورو، استخدم العلماء بيانات إحصائية بشرية بغية منح هذين الآليين أبعاداً بشرية قدر الإمكان، سواء من ناحية توزيع الوزن أو حجم كل جزء من الجسم. كذلك طوروا بنية هيكلية وأنظمة مشغّلات تحركها أوتار الهدف منها تقليد الروابط التي تؤلفها العضلات والأوتار في جسم الإنسان. أخيراً، حاول العلماء تصميم المفاصل بطريقة تحاكي جسم الإنسان.يتمتع الإنسان بحرية 548 درجة في مفاصله، ما يسمح له بأداء مجموعة مذهلة ومعقدة من الحركات. وإذا استثنينا الوجه واليدين، تبقى درجة الحرية هذه 419، وهي كبيرة فعلاً، وفق معدي الدراسة.لكنّ الآليين التقليديين الذين يعملون بمحاور، مثل ASIMO (الذي اشتهر بلعبه كرة القدم مع الرئيس أوباما) أو HRP-2 (الذي شارك في تحدي DARPA للآليين في بومونا عام 2015)، يملكون درجة حرية أقل في مفاصلهم تبلغ نحو 27 إلى 55، حسبما يكتب العلماء.في المقابل، يتمتع الآليان كينشيرو وكينغورو، اللذين يعملان بأوتار ويحظيان ببنى عضلية-هيكلية شبيهة بالإنسان، بنحو ضعف درجة الحرية هذه، بما أنها تتراوح بين 55 و114 درجة في المفاصل. ينعم كينشيرو بحرية 64 درجة بفضل المفاصل المتعددة في عموده الفقري (يتخذ شكل S شبيهاً بما نراه في الإنسان) ومفاصل ركبتيه القريبة جداً مما يتمتع به الإنسان. أما كينغورو، فيحظى بحرية تبلغ 114 درجة، علماً بأنها ترتفع إلى 174 درجة إذا أضفنا المفاصل في يديه.يملك كينغورو أيضاً أصابع يدين وقدمين، إلا أنها ما زالت تفتقر إلى البنى العضلية التي نراها في أصابع الإنسان، حسبما يوضح معدو الدراسة. ولكن نظراً إلى أهمية تلك «المنفذات الطرفية» في حياتنا، يشدِّد العلماء على ضرورة تحسينها. يذكرون: «تؤدي المنفذات الطرفية دوراً مهماً في حياة الإنسان اليومية، ما يشير إلى ضرورة تطوير منفذات طرفية تحاكي منفذات الإنسان بغية المضي قدماً بعلم الآليين المماثلين للبشر».صمَّم الباحثون أيضاً كينغورو بطريقة تتيح له التعرق، معدين نظام تعرق اصطناعياً يحرِّر الحرارة من المحركات.لخير الإنسان
يذكر العلماء أن إضافة هذا النوع من الخصائص البشرية ربما تسهم في كشف تفاعلات داخلية غير مرئية في جسم الإنسان، فضلاً عن التوصل إلى طرائق أفضل للوقاية من الأمراض والإصابات ومعالجتها. يشير العلماء: «تقترح إحدى مجموعات البحث إمكان استخدام آلي شبيه بالإنسان يتمتع ببنية عضلية-هيكلية في الطب، كزراعة الأنسجة. وإذا استطاع هذا الآلي محاكاة حركات الإنسان، فلا شك في أن تحليل مساهمة العضلات الناجمة أو البيانات الحسية التي نحصل عليها عندما يتحرك تعود بالفائدة على الرياضيين ومدربيهم».من الممكن أيضاً استعمال هذا النوع من البيانات لتطوير أطراف اصطناعية أفضل وتصميم عوامل بشرية تعمل عن بعد، حسبما يضيفون.علاوة على ذلك، ربما يجعل هذا التطور دمى التحطم مشاركاً «أكثر تفاعلاً» أثناء التجارب. وهكذا تُظهر هذه الدمى كيفية تفاعل جسم الإنسان خلال الحوادث وتجعل هذه الاختبارات أكثر دقة.يختم الباحثون: «أحد أبرز التطبيقات ابتكار دمى تحطم أكثر تفاعلاً لاستخدامها في اختبارات تحطم السيارات لأن الدمى الحالية تتيح للباحثين قياس السلوك السلبي فحسب. لكن الآلي الذي يحاكي الإنسان يسمح لهم بمحاكاة رد فعل الإنسان بتفعيل العضلات».* أمينة خان