الإنكليزية ضد العربية (2)
توظف في الوزارة وقال: «هل منكم من يجلي عني كربتي، وينهي معاملتي؟»، «فنَّشه» المدير وهو يضحك، كلمة (يفنش) هي كلمة كويتية من فعل «Finish»... وأقول في هذا الأسبوع لكل من انزعج من مقالي السابق بعنوان «العربية ضد الإنكليزية»، ولم تسره النتيجة، نحن في واقعنا الحالي لن نتحدث بلسان الحُطيئة ولا الأخطل، لأن اللغات تتجدد ولا تتجمد، وكما كان مقالي السابق جارحاً للكثير، فمقالي هذا سيزيد النار حطباً وبنزيناً كذلك.ثلاثة رجال في مركب واحدة في البحر؛ يعتذر أولهم فيقول: «سوري» من (Sorry) ولما رضي عليه ذاك؛ رد قائلاً: «أوكي» (Ok)، والثالث ينصح ويقول: «لا تتنفرز» من (Nervous)، يعني لا تتوتر. الأول قطري، الثاني بحريني، الأخير كويتي، كلهم عرب في الخليج العربي يتكلمون (English) ليتفاهموا، وفي الإمارات لما أم خماس تنادي الخادمة تصيح «بوشكارة!» وهي من أصل «Push car» أي ادفع السيارة باللغة الإنكليزية، التي تحولت عند الإماراتيين لوصف أي خادم، وقد تعلموها خلال الوجود البريطاني في بلادهم.
أما المصري إذا أراد مدح شاب فيقول له: «إزيك يا برنس!؟»، وهي من (Princ) بالپاء وليس الباء، التي تعني «أمير»، أما النجادة في السعودية وفي محافظة عنيزة، مسقط رأسي، فإنهم إذا أرادوا الرحيل يقولون «گو!!» (!GO) بسبب أيام شركة أرامكو النفطية، ورغبة في التفاخر بأن فلاناً يعمل بوظيفة فخمة وكذا. القصد من مقالَيَّ المستفزين؛ «العربية ضد الإنكليزية» و«الإنكليزية ضد العربية»، هو الاعتراف بتقصيرنا الشنيع في حق لغتنا، والكف عن استنشاق مخدرات قصائد تمجيدها؛ فلغتنا تعتاز يقظة، تحتاج أسماء اختراعات، معادن جديدة، عقاقير؛ أعشابا؛ أجراما فضائية، بل أمراضاً نكتشفها ونعلمها للعالم بالعربية؛ وحتى فلسفات اقتصادية، ومفاهيم نفسية، وأدبيات وفنونا متطورة، نسبق بها العالم في تسميتها، ليتبعنا وهو يقلد لساننا كما كان في قديم الزمان، فهل العربية ستكرر الكرّة؟أترك الجواب للقارئ.