يشكل الرجال 90 في المئة من الهيئة التشريعية في الهند، وبينما يتوق رجال السياسة الهنود الى التحدث عن تمكين المرأة ودورها السياسي كما ظهر من خلال سياسيات مثل سوشما سواراج وانديرا غاندي أو براتيبها باتيل تظل هذه الى حد كبير صورة شاذة وليس القاعدة في المشهد السياسي الهندي.ومنذ سنة 2014 شكلت المرأة 11.8 في المئة فقط من مجلس الشعب و 11.4 في المئة من المجلس الأعلى في الهند، بحسب مصادر الاتحاد البرلماني.
ومن بين جاراتها في جنوب آسيا تحتل الهند المركز الخامس في التمثيل النسائي البرلماني بعد أفغانستان وبنغلادش وباكستان ونيبال.من جهة أخرى، بينما تختلف دول كثيرة حول العالم بشأن فكرة انتخاب امرأة لمنصب رئيس الدولة كانت الهند الدولة الثانية في العالم في انتخاب رئيسة للدولة هي انديرا غاندي. وفي الوقت الراهن تشغل المرأة في حكومة نارندرا مودي بعض من أكثر الوزارات أهمية من الدفاع إلى الخارجية.ولكن على الرغم من ذلك ازدادت حوادث العنف ضد النساء بنسبة 40 في المئة في الفترة ما بين 2012 و2016، بحسب معلومات صدرت عن المكتب الوطني لتسجيل الجرائم، وتتعرض امرأة للاغتصاب كل 13 دقيقة، وتقتل عروس من أجل سرقة مهرها كل 69 دقيقة، كما تعرضت 6 نساء للاغتصاب من قبل عصابة مسلحة في كل يوم في الهند في سنة 2016.
حضور نسائي انتخابي
على صعيد سياسي جعلت المرأة حضورها ملموساً في صناديق الاقتراع، وبحسب معلومات لجنة الانتخابات حول الانتخابات العامة في سنة 2014 كانت نتائج تصويت المرأة أعلى من نسبة الرجل في 16 من أصل 35 ولاية ومقاطعة اتحادية.وعلى أي حال، يظل تمثيل المرأة متدنياً في الهيئات الوطنية ومراكز اتخاذ القرار، وقد شغلت حفنة صغيرة من السياسيات الهنديات البعض من أعلى المراكز في السلطة، ولكن صعودهن – مثل الكثيرات في آسيا – كان عبر الإرث العائلي.ويشير بحث أجري من قبل أمريتا باسو في «ديمقراتيك دايناستيز»، في كانشان تتشاندرا إلى أن سياسات الحزب والعائلة المعاصرة في الهند أفضت الى انتخاب 43 في المئة من المرشحات لانتخابات مجلس الشعب، لأن أعضاء في العائلة كانوا يشغلون تلك المقاعد.وتشكل الحواجز أمام دخول المرأة ميدان السياسة مستويات أعلى من تلك التي تواجه الرجل وبحسب «ايكونوميك سيرفي 2018» فإن البعض من العقبات التي تواجه المرأة تشمل المواقف الثقافية السائدة والمسؤوليات الداخلية ونقص الثقة أو التمويل وأخطار العنف.وتعتبر المخصصات واحدة من الوسائل التي يمكن أن تحارب هذا التباين، وفي سنة 1994 أقرت الهند التعديلين 73 و74 في الدستور وتم منح المرأة ثلث المقاعد في الهيئات الريفية والحضرية الديمقراطية.وأعقب ذلك تطبيق قانون حجز نسبة المرأة في سنة 1996 الذي يحجز 33 في المئة من المقاعد في مجلس الشعب والجمعيات التشريعية الولائية للمرأة على أساس تناوبي.مجالس القرى
ويكون دور المرأة القيادي في مجالس القرى في أغلب الأحيان ايجابياً بالنسبة الى الكثير من الفتيات، ويظهر بحث أجري من قبل لوري بيمان وايسثر دفلو وروبيني باند وبيتيا توبالوفا أنه في القرى التي يتم فيها حجز مخصصات للمرأة انخفضت نسبة فجوة الجنس بين الفتيات والفتيان بين سن 11-15 عاماً بمعدل 32 في المئة للفتيات و 25 في المئة للفتيان بين آبائهم.ويسهم الدور النموذج أيضاً في ازالة التباين بين الجنسين في حصول الفتيات على التعليم، وفيما تسمح المخصصات للمرأة بالوصول الى بعض مراكز السلطة فإنها تضعف أيضاً أفكار الانتخابات المبنية على الجدارة والأهلية في الديمقراطية. وثمة قلق من أن عمل المرأة في منصب حكومي قد يؤثر سلباً على النمو نتيجة كون السياسة المؤيدة للنساء والعائلة ترتبط في أغلب الأحيان بأمور الرعاية.وقد كشف بحث جامعة الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية «يو ان يو – وايدر» عمل السنة الماضية عبر معلومات من 4265 دائرة انتخابية في أربع دورات انتخابية، أن ممثلي الاناث يطرحون نسبة نمو اقتصادي من حوالي 1.8 في المئة سنوياً أكثر من المشرعين الذكور. ولاحظ أيضاً أن المرأة كانت أكثر فعالية في بناء البنية التحتية وإكمال مشاريع الطرق، وكان قادة مجالس القرى من النساء أكثر استثماراً في أولويات المرأة نتيجة المعرفة في فهم وتشاطر تلك الأولويات.ويدعم هذا حصيلة سابقة من «انديا سبند» أشارت الى انفاق قادة مجالس القرى من النساء في نادو تاميل لـ 48 في المئة أكثر من الأموال التي ينفقها نظراؤهن الرجال في شق الطرق، كما وجدت دراسة اخرى أجرتها الأمم المتحدة أن المرأة في مجالس القرى حققت نسبة 62 في المئة من مشاريع مياه الشرب أكثر من المشاريع التي نفذها الرجال.وأبلغت مجموعة تضم ايجاز غاني ووليم كير وستيفن اوكونل أيضاً عن زيادة بنسبة 40 في المئة في المؤسسات التي تملكها المرأة بعد تطبيق المخصصات في الفترة الممتدة بين 1994 و2005.وعلى أي حال، تترشح المرأة بنسبة كبيرة الى مناصب حكومية محلية نتيجة ضغوط الأقارب الراغبين في الاحتفاظ بمقاعد معينة ضمن العائلة أو لتحقيق مكاسب مالية، ويسيطر أزواجهن في أغلب الأحيان على تلك المراكز من خلال مناصب الزوجة.وتلاحظ مونا لينا كروك في كتابها بعنوان «مخصصات المرأة في السياسة» أنه فيما قد تبدأ المرأة العمل على شكل وكيل للزوج أو غيره من أفراد العائلة فإنها تصبح بازدياد أكثر فعالية واستقلالية في صنع القرار مع حصولها على المزيد من الخبرة.والأكثر من ذلك، وبمجرد أن يتم انتخابها تسعى المرأة الى الترشح من جديد الى منصب سياسي، وبينما تبلغ نسبة حجز المقاعد للمرأة 33 في المئة فقط فإنها تشكل 46 في المئة من مؤسسات مجالس القرى عبر مشاركتها النشيطة وقيادتها على المستويات الحكومية المحلية بصورة عامة.الدعم السياسي الحزبي
وفي الوقت الراهن، يدعم الحزبان الأكثر قوة في الهند وهما بهاراتيا جاناتا والمؤتمر الوطني مشروع قانون حجز مقاعد المرأة في تصريحاتهما وبياناتهما. وعلى أي حال، وبعكس الحديث العام عن الدعم وجدت صحيفة «انديا توداي» أن حزب بهاراتيا جاناتا قدم نسبة دعم الى المرشحات في الانتخابات العامة في سنة 2014 بلغت 8.8 في المئة فقط كما قدم حزب المؤتمر 12.9 في المئة.وفي الرابع من أكتوبر قالت صحيفة «ذي تايمز اوف انديا» إن حزب بهاراتيا جاناتا يخطط لطرح ما لا يقل عن 25 في المئة من المرشحات للمقاعد الـ 230 في ماديا برادش.وفي انتخابات كارناتاكا التي جرت في شهر مايو الماضي كان عدد النساء المرشحات عن حزب بهاراتيا جاناتا 6 فقط من أصل 224 مرشحاً وهو أقل من 3 في المئة من اجمالي عدد مرشحيه. ومن المفارقة أن أحد شعارات رئيس الوزراء الهندي مودي التي أطلقها في بداية حملته الانتخابية كان «المساواة بين الابن والابنة».الحزبان الكبيران الآخران في انتخابات كارناتاكا لم يقدما أداء أفضل في التمثيل النسائي، وقد طرح حزب المؤتمر الوطني وحزب «جي دي اس» 15 مرشحة و4 مرشحات على التوالي.وفي شهر أغسطس بعث رئيس حزب المؤتمر الوطني راهول غاندي برسالة الى رئيس الوزراء مودي يحثه فيها على الوفاء بوعوده حول تمكين المرأة واقرار مشروع القانون.ومثل حزب بهاراتيا جاناتا كانت نسبة النساء في لجنة قيادة عمال المؤتمر التي شكلت حديثاً 14 في المئة فقط، على الرغم من أن دستور حزب المؤتمر يدعو الى حجز 33 في المئة للجان الحزب.وتظهر الدراسات أن حصول المرأة على تأثيرات ذات معنى في البرلمان يتطلب بلوغها عتبة الثلاثين في المئة على الأقل، وعند 11 في المئة تستمر الهند في التخلف عن الآخرين.