احتضن شارع الحمرا الحركة الثقافية والفكرية والسياسية في لبنان في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته، وكانت مقاهيه مثل الـ «هورس شو، وكافيه دو باري، ولاروندا، والروكسي، والنيغرسكو، والمودكا»، ملاذاً لأهل القلم ولأصحاب الإيديولوجيات والمعارضين والثوار، فاستمر ردحاً من الزمن لولب الحركات الفكرية والمسرحية والفنية في لبنان. وكثيراً ما كانت تحتضن جدران مقاهيه نشاطات رافضة لمقررات حكومية، تماماً كما حصل مع نضال الأشقر في أوائل سبعينيات القرن الماضي عندما منع الأمن العام عرض إحدى مسرحياتها، فما كان منها إلا أن قدمتها على الرصيف إزاء «الهورس شو». في مسرحيتها الجديدة «شارع الحمرا»، تعكس نضال الأشقر ذكريات الناس الذين عاشوا في هذا الشارع انطلاقاً من مقهى «الهورس شو»، وهم من الدول العربية ومن لبنان، مثل الياس الديري وأنسي الحاج وليلى بعلبكي ويوسف وهبي ونور الشريف…
«مش من زمان»
كانت نضال الأشقر قدمت أخيراً مسرحية «مش من زمان» (كتابتها وإخراجها، موسيقى وغناء خالد عبد الله)، ضمن النسخة الأولى من «مهرجان المسرح الأوروبي» في لبنان الذي يستمر على خشبة مسرح المدينة في بيروت لغاية نهاية أكتوبر الجاري، وهي سيرة مغناة، تمزج بين الواقع والخيال، لحكايتها منذ طفولتها إلى أن غدت امرأة مسرح. وأشارت نضال الأشقر في لقاء مع زافين في برنامجه «بلا طول سيرة» على شاشة «المستقبل» إلى أنها كتبت النص منذ 25 سنة، وبعدما أصرّ منظمو المهرجان عليها لتقديم مسرحية خطر ببالها هذا النص الذي يجعل الجمهور يتساءل: لماذا نضال الأشقر التي تعمل منذ 50 سنة في المسرح وصلت إلى أن تكون سيدة المسرح.أزمة وارتباط
نضال الأشقر التي تعتبر أحد الرموز الثقافية الطليعية، في العصر الذهبي للبنان، قالت، خلال اللقاء، إن تلفزيون «لبنان» يجب أن يسترجع ألقه، مشيرة إلى أنها في السينما كانت لها مشاهد في فيلم «امرأة فرنسية»، ومع الممثلة كاترين دونوف في فيلم «ساحة فاندوم».وأوضحت أن «لبنان اليوم في أزمة، ولولا وجود المسرح لخسر الإنسان الارتباط التاريخي بينه وبين مدينته وبين ترابه وبين أمله بمستقبل أفضل».ولفتت إلى أن أهم تأثير قامت به أنها كانت مع حرية المرأة، ومع المسرح الحر، وضد أي نوع من أنواع الرقابة، وأن عملها في التلفزيون ركز على تقديم صورة عن المرأة المتحررة، مؤكدة أنها منذ آخر أعمالها الدرامية «رماد وملح» لم تقبل العروض التي قدمت إليها لأنها سخيفة، وقالت في هذا السياق: «التلفزيون اليوم هابط لأن شركات الإنتاج التي تضع يدها عليه لا يهمها سوى الحصول على أرباح. أن نربح أقل بجودة أكثر هذه هي المعادلة التي يجب أن تكون».دور طليعي
نضال الأشقر (25 مارس 1934) فنانة مسرحية لبنانية أدت في الستينيات والسبعينيات دوراً أساسياً في تحريك الفن المسرحي اللبناني والعربي محاولة تحديثه وتجديد تعبيراته ولغته وأدواته. أسست مع مجموعة من الفنانين اللبنانيين «محترف بيروت للمسرح» ومع فنانين عرب فرقة «الممثلون العرب» التي جالت في عروضها البلاد العربية والأوروبية.في تسعينيات القرن الماضي أسست مسرح المدينة في بيروت، وحولته إلى مساحة ثقافية فنية استضافت مسرحيات وتظاهرات فنية وثقافية من لبنان والخارج.أسهمت من خلال عشرات المسرحيات في إخراج المسرح اللبناني من نجوميته إلى مجاله الشعبي بتحدٍ أكسب هذه الأعمال مواصفات متقدمة ومغامرة ومتجددة، وأضافت عبر مشاركتها في مسلسلات وبرامج لبنانية وعربية أداء جديداً كرّسها بين الأسماء الفنية والثقافية الأولى في لبنان والعالم العربي. أحيت أمسيات ولقاءات شعرية في عواصم ومهرجانات عربية وأوروبية في: لبنان، الأردن، سورية، العراق، المغرب، تونس، الشارقة، أبو ظبي، دبي، الكويت، باريس، لندن...لجان تحكيم
شاركت الممثلة والمخرجة نضال الأشقر في لجان تحكيم في مهرجانات فنية وثقافية من بينها: «مهرجان الكويت المسرحي الثالث (1999)، المهرجان المسرحي السادس لدول مجلس التعاون الخليجي (سلطنة عُمان 1999)، مهرجان بيروت السينمائي (1999)، مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدورة التاسعة (1997)، مهرجان الفيلم العربي (باريس 1997)، لجنة تحكيم البرنامج التلفزيوني اللبناني «أستديو الفن» (المؤسسة اللبنانية للإرسال 2001).