من الخان الأحمر إلى مسيرة العودة شعب واحد ومقاومة شعبية واحدة
ما يتجسد على الأرض اليوم هو نمط واحد موحد للمقاومة الشعبية الفلسطينية، وما يحاول الاحتلال تجزئته بالحواجز والاستيطان والجدار، يتوحد بفعل وتأثير المقاومة الشعبية على الأرض، فمن الخان الأحمر إلى مسيرة العودة وكسر الحصار، شعب واحد، ومقاومة شعبية واحدة، وهذا هو ما يرعب الاحتلال.
حاولت قوات الاحتلال يوم الجمعة الماضي تطويق منطقة الخان الأحمر ومنعنا من الوصول إليها، فتسللنا مع كثيرين عبر الجبال، وجرت بعد صلاة الجمعة مظاهرة المقاومة الشعبية، فاعتدوا عليها بالضرب والتنكيل، واستخدموا الغاز المخلوط مع مواد حارقة، فأصابوا معظم المتظاهرين بمن فيهم المتضامنون الأجانب، والصحافيون، والمسعفون.وكانت شراسة المحتلين الذين حشدوا قوات كبيرة دليلاً على ضيقهم من نجاح المظاهرة رغم التطويق والمنع، ونتيجة تزايد إحساسهم بالحرج بسبب تعاظم الضغط الدولي ضد جريمة التطهير العرقي في الخان الأحمر التي حذرت المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية بأنها ستكون جريمة حرب، مثلما سبب نقاش قضية الخان الأحمر في مجلس الأمن الدولي والشهادة النبيلة التي قدمها ممثل منظمة "بتسيلم" أمامه وعرّى فيها التطهير العرقي الإسرائيلي والنظام العنصري، إحراجا إضافيا لحكومة نتنياهو، التي تحاول الآن إقرار قانون فاشي عنصري جديد يعاقب بالسجن كل من يشارك في الدعوة لمقاطعة الاحتلال وبضائعه لمدة تتراوح بين سبع وعشر سنوات. وعلى الجانب الآخر ورغم التهديدات والقتل الشرس، واستخدام ذخيرة متفجرة محرمة دوليا ضد المتظاهرين السلميين، انطلقت مسيرة العودة وكسر الحصار في محافظات قطاع غزة الخمس، تحت شعار غزة تنتفض والضفة تلتحم.
شاركت في يوم الجمعة السابقة في مسيرة العودة في غزة، ورأيت في المستشفيات آثار الجراح الخطيرة التي يسببها رصاص المحتلين، ولكنني رأيت أيضا ولمست روح العزم والعزيمة والإصرار لدى شباب غزة، مثلما رأيناها في الخان الأحمر لدى شباب القدس والضفة.وكل ذلك يؤكد مدى سخافة وحمق المراهنين على فصل غزة عن الضفة الغربية، ومدى جهل أولئك الذين يظنون أن تقطيع أوصال الضفة الغربية ومحاصرة القدس بالحواجز والجدران، سيلغيان وحدة الشعب الفلسطيني وإحساسه الجامع بالمصير المشترك. منذ الثلاثين من مارس لم تتوقف مسيرات العودة وكسر الحصار، ولمئة واثنين وعشرين يوما يستمر الاعتصام في الخان الأحمر.وفي يوم الجمعة الماضي شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرات العودة في محافظات غزة الخمس، وشهدت عشرات المواقع في الضفة الغربية مواجهات مع الاحتلال في اليوم نفسه، من سلواد إلى كفر نعمة إلى نعلين، إلى الخليل، والخان الأحمر. ما يتجسد على الأرض اليوم هو نمط واحد موحد للمقاومة الشعبية الفلسطينية، وما يحاول الاحتلال تجزئته بالحواجز والاستيطان والجدار، يتوحد بفعل وتأثير المقاومة الشعبية على الأرض. من الخان الأحمر إلى مسيرة العودة وكسر الحصار، شعب واحد، ومقاومة شعبية واحدة، وهذا هو ما يرعب الاحتلال. * الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية