أعيدوا لنا «غراس»
اليوم ونحن نشاهد ونعايش الاضطراب الأخلاقي الذي يواجه المجتمع ندعو الحكومة الموقرة وبشدة إلى إعادة إحياء نموذج "غراس" والتعاون الجاد مع مؤسسات المجتمع الأهلية لمقاومة جنوح الأحداث وحماية أبناء الوطن مما يواجهونه.
350 جريمة اعتداء على النفس بالضرب أو القتل في الكويت وقعت من أحداث لم تتجاوز أعمارهم السن القانونية خلال عام 2017، و190 جريمة من الجرائم المتعلقة بالاعتداء على المال والنصب والسرقات، ووفقاً للإحصاءات الرسمية فإن هذه الأعداد مرشحة للزيادة خلال العام الحالي في تطور مخيف لأعداد جرائم الأحداث التي شهدت ارتفاعاً مريباً بلغت نسبته 250% خلال آخر خمس سنوات، ومن المفزع أن جرائم شنيعة كالمخدرات ازدادت بنسبة 200%، وتضاعفت قضایا المرور بمعدل 11 مرة،و إن هذه الأرقام المروعة لجرائم الأحداث تستدعي انتفاضة رسمية وأهلية للوقوف على أسبابها وتفعيل عوامل الوقاية منها لحماية النشء من هذا التدهور الأخلاقي الخطير*.لا يكاد أسبوع يمر إلا ونسمع بحادثة قتل شاب في مقتبل العمر في مشاجرة لا تعرف أسبابها أو تكون ذات دوافع تافهة، وأصبح حمل الأسلحة البيضاء لدى المراهقين أمراً يسيراً يدخلون بها الأسواق والأندية والتجمعات ومناطق الشاليهات والمخيمات بلا رقيب ولا حسيب، وتفاقمت حالات العنف في مناسبات عدة كالمباريات الرياضية أو في المولات التجارية أو في المدارس، كما تكررت حوادث الاعتداء على رجال الأمن والشرطة في علامة ظاهرة على الاستخفاف بالقانون وضمان الهروب من العقاب، إن هذه المظاهر المختلفة تدعو كل إنسان حريص على أبناء الوطن لدقّ ناقوس الخطر والتوقف أمام هذه الحوادث المزعجة ومحاولة علاجها وإنقاذ الشباب منها.للأسرة دور كبير في تقويم سلوكيات أبنائها، وللمدرسة دور رئيس في ضبط وربط النشء، وهي أدوار تكاد تكون مفقودة في زماننا هذا إلا من رحم الله، ويبقى للأجهزة الحكومية الدور الفعّال في إرساء استراتيجية وطنية واضحة المعالم لحماية النشء وإبعاده عن مواطن السوء، والارتقاء به وتشجيعه على الاهتمام بذاته وخدمة وطنه، وللأسف رغم وجود هيئات عديدة معنية بالشباب فإن كثيراً منها ذات دور محدود ونشاطها نخبوي، وتسلط بعض القائمين عليها لتلميع أنفسهم وتنفيع جماعاتهم على حساب الرسالة السامية التي أنشئت لها هذه الهيئات.
قبل عقدين من الزمن تقريباً ظهر في الكويت مشروع وطني قيمي رائع اسمه "غراس" كانت له رؤية تربوية واجتماعية وأسرية راقية، وترك بصمة واضحة آنذاك، وأصبحت "غراس" علامة على الرسائل الأخلاقية المميزة، واليوم ونحن نشاهد ونعايش الاضطراب الأخلاقي الذي يواجه المجتمع ندعو الحكومة الموقرة وبشدة إلى إعادة إحياء نموذج "غراس" والتعاون الجاد مع مؤسسات المجتمع الأهلية لمقاومة جنوح الأحداث وحماية أبناء الوطن مما يواجهونه، فهذا أحد أهم أدوار الدولة التي نص عليها الدستور. والله الموفق.* المعلومات والإحصاءات من ندوة "جریمة الأحداث.. أسبابها وطرق معالجتها" التي نظمتها الجمعیة الوطنیة لحمایة الطفل في أبريل الماضي.