أفضل طريقتين لتخفيض وفيات الرضع

نشر في 25-10-2018
آخر تحديث 25-10-2018 | 00:00
 بروجيكت سنديكيت من الأهداف الأكثر طموحا للتنمية المستدامة للأمم المتحدة الالتزام بمنع وفيات حديثي الولادة والأطفال التي يمكن تجنبها خلال العقد القادم، ولو تم تحقيق هذا الهدف فلن يكون هناك بلد يصل فيه معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة في 2030 إلى أكثر من 12 وفاة لكل ألف ولادة.

إذاً هناك حاجة لاستثمارات ضخمة في البنية التحتية والتخطيط للرعاية الصحية، وأفضل الطرق فعالية لتخفيض وفيات الرضع تشجيع زيادة استخدام لقاحات الأمهات والرضاعة الطبيعية، وتبدأ حماية الأطفال من الوفاة المبكرة قبل ولادتهم، فعندما تُطعّم المرأة ضد الأمراض الشائعة كالإنفلونزا فإن جمسها يخلق الأجسام المضادة التي تتعرف على الفيروسات وتعزز الدفاعات الطبيعية ضد طرق تطور المرض، وأثناء الحمل تنتقل تلك البروتينات الحمائية إلى طفلها من خلال المشيمة.

وتلك الفوائد تستمر بعد الولادة، فلا يمكن إعطاء جرعة الإنفلونزا للرضع الذين تبلغ أعمارهم أقل من ستة أشهر، والتجارب السريرية أظهرت أن المولودين لأمهات تلقين جرعات اللقاح يتمتعون بحماية أفضل ضد الأمراض، وفي إحدى الدراسات في بنغلاديش سجل الباحثون انخفاضا كبيرا يصل إلى 63% في حالات الإنفلونزا بين الرضع المولودين لأمهات تلقين جرعات اللقاح، وانخفاض بمقدار 36% في الأمراض التنفسية الخطيرة بالنسبة للأمهات، وانخفاض بنسبة 29% في تلك الأمراض عند الرضع.

وتطعيم الأمهات ضد الإنفلونزا يساعد في الحماية ضد الالتهاب الرئوي، وهو سبب شائع وراء الوفيات خلال مرحلة الطفولة، وفي تحليل جرى سنة 2018 لتجارب أجريت في نيبال ومالي وجنوب إفريقيا للقاح الإنفلونزا تم اكتشاف احتمالية أقل بمقدار 20% أن يصاب الشخص بالالتهاب الرئوي بشرط أن تكون أمه طُعمت، فالأطفال الذين لا تسمح أعمارهم الصغيرة بإكمال تطعيماتهم ضد العقدية الرئوية والإنفلونزا كانوا أكبر المستفيدين، وبإمكان الحكومات في البلدان المنخفضة أن تخطط لحملات تطعيم أذكى وأن تخفض من معدلات وفيات الرضع والأمراض التي تصيبهم.

والطريقة الثانية لتخفيض وفيات الرضع هي الرضاعة الطبيعية، وهي طريقة تتمتع بتأثير أكبر، فحليب الأمهات هو التغذية الكاملة للطفل، حيث تزوده بكل البروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن والأنزيمات التي يحتاجها الطفل الصغير للبقاء بصحة جيدة، والأفضل من ذلك كله أن الأمهات يخلقن أجساماً مضادة جديدة في الوقت الفعلي مما يساعد في تقوية أنظمة المناعة الشابة.

للأسف فإن معدلات الرضاعة الطبيعية واستهلاك حليب الأمهات أقل بكثير من المستويات المطلوبة، فهناك 40% من الرضع حول العالم يحصلون على حليب أمهاتهم بشكل حصري حتى بلوغهم عمر الستة أشهر على أقل تقدير، كما توصي بذلك منظمة الصحة العالمية، ومع أن الأسباب معقدة لكن نقص التعليم بالإضافة إلى التسويق المكثف والهجومي من مصنعي حليب الأطفال الصناعي في العديد من البلدان يساهمان في انخفاض نسب الرضاعة الطبيعية.

وإقناع الأمهات باللجوء للرضاعة الطبيعية أسهل، لأنهم أقل عرضة للإصابة بالتهابات الأذن والتهاب السحايا أو التعرض لأمراض الجهاز الهضمي والإسهال، وتلك المزايا ستستمر طالما استمرت الرضاعة الطبيعية للطفل.

وتستفيد الأمهات أيضا من الرضاعة الطبيعية، فتظهر الأبحاث أن اللاتي أرضعن أطفالهن خلال حياتهن أقل عرضة للإصابة بأمراض غير معدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وسرطان الثدي ومرض السكري من النوع 2، والعديد من تلك المكاسب سببها أن الرضاعة الطبيعية تساعد في تكسير الدهون الإضافية التي تتجمع في جسد المرأة خلال الحمل، وفي واقع الأمر فإن إنتاج الحليب لطفل رضيع واحد يحرق ما لا يقل عن 500 سعرة حرارية في اليوم.

ورغم أن معظم الأمهات قادرات على الرضاعة الطبيعية فليس باستطاعة جميع النساء إنتاج ما يكفي من الحليب، وذلك بسبب الإرهاق أو الاكتئاب أو الضعف الجسدي لاحقا لجراحة ما بعد الولادة، وبعض الأمهات غير قادرات على تلبية احتياجات أطفالهن، وتفتقد أخريات للدعم الطبي أو الاجتماعي للتعامل مع مستلزمات الرضاعة الطبيعية، ومهما يكن من أمر بالنسبة لمن يستطعن تزويد أطفالهن بما لا يقل عن ستة أشهر من الرضاعة الطبيعية فإن الفوائد كبيرة للغاية.

لو كان المجتمع الدولي جديا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لوجب عليه مضاعفة الجهود من أجل تشجيع المزيد من الأمهات على التطعيم ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها واللجوء للرضاعة الطبيعية لإطعام أطفالهن حديثي الولادة، وإن تأثير هاتين الطريقتين فقط يمكن أن يكون أكبر بكثير من أي مبادرة صحية عالمية.

* ميلفين سانيكاس

* طبيب صحة عامة وعالم مختص في تطوير اللقاحات، وخبير طبي إقليمي في سانوفي باستور.

«بروجيكت سنديكيت، 2018» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top