في انتصار جديد لاستقلال القضاء، أصدرت المحكمة الدستورية، أمس، حكماً بعدم دستورية إحدى فقرات المادة 42 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، والمتعلقة بحرمان القاضي من توقيع عقوبات الامتناع عن العقاب أو الحبس مع وقف النفاذ؛ لتعارض ذلك مع السلطات التقديرية الممنوحة له.

وقالت «الدستورية»، في حيثيات حكمها الذي أصدرته برئاسة المستشار يوسف المطاوعة، إن حجب القاضي عن ممارسة السلطة التقديرية وحرمانه من مباشرة حقه في هذا الشأن هو افتئات على عمل السلطة القضائية، واعتداء على استقلالها، وتعطيل لدورها، موضحة أن ذلك يمثل انتهاكاً لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في الدستور، ومن شأنه الإخلال بالحقوق المرتبطة بالوظيفة القضائية.

Ad

وبيّنت المحكمة أن السلطة التقديرية التي يباشرها القاضي في مجال «تفريد العقوبة» لا تقتصر فحسب على مجرد حقه في اختيار العقوبة المناسبة بين حديها الأقصى والأدنى إما بعقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن نصف قيمة الأموال محل الجريمة ولا تتجاوز كامل قيمتها، أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقاً للمادة 37 من قانون مكافحة غسل الأموال، وإما باستعمال الرأفة في حق المتهم بالنزول بعقوبة الحبس إلى ثلث الحد الأقصى المقرر للجريمة طبقاً للمادة 83 من قانون الجزاء، بل يتعين أيضاً أن تشمل تلك السلطة لزوماً حقه في التقرير بالامتناع عن النطق بالعقاب أو الأمر بوقف تنفيذ العقوبة مراعاة لظروف الجريمة وملابساتها وسمات الجاني الشخصية.

وأكدت أن النص المطعون فيه أخلّ بنظام التقاضي، وأهدر ضوابط المحاكمة المنصفة للمتهم في مجال فرض العقوبة، معتبرة أن هذا الأمر يمثل تدخلاً محظوراً من السلطة التشريعية في شؤون القضاء واستقلاله، مما يصم النص بعيب مخالفته لأحكام المواد 34 و50 و163 من الدستور.