في خطوة كبيرة من المرجح أن تسهم في تهدئة التوتر الدولي، الذي أثاره حادث وفاة الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، مطلع أكتوبر الحالي، أعلن النائب العام السعودي، أمس، أن النيابة العامة «وردتها معلومات من الجانب التركي الشقيق، من خلال فريق العمل المشترك بين المملكة والجمهورية التركية، تشير إلى أن المشتبه بهم في الحادثة أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة».

وأكدت النيابة العامة أنها «تواصل تحقيقاتها مع المتهمين، في ضوء ما وردها وما أسفرت عنه تحقيقاتها من وصول إلى الحقائق إن شاء الله واستكمال مجريات العدالة».

Ad

ويشير إعلان النائب العام إلى إمكانية توجيه تهمة القتل العمد للمشتبه بهم الـ 18 الموقوفين، وهم عناصر فريق أمني مكون من 15 شخصاً و3 موظفين في القنصلية.

لا تدويل

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده لا تنوي إحالة القضية، المتعلقة بمقتل خاشقجي، إلى محكمة دولية، لكنها ستقدم معلومات في حالة إجراء تحقيق دولي.

وأدلى جاويش أوغلو بالتصريحات، في مؤتمر مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في أنقرة، وقال إن «تركيا قدمت معلومات لبعض الأطراف التي سعت إلى مزيد من المعلومات». في إشارة إلى تقارير تحدثت عن إطلاع أنقرة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، جينا هاسبيل، على تسجيلات صوتية ومصورة سربت من القنصلية لقتل خاشقجي.

ورداً على سؤال إذا كانت هذه التقارير صحيحة، قال أوغلو إنّه لن يقدم إجابة محددة، لكّنه قال إنّ تركيا «ستشارك الوثائق والأدلة التي في أيديها مع الدول والمؤسسات التي تريدها».

واعتبر أوغلو أنه «لا تزال هناك أسئلة بحاجة إلى أجوبة» بشأن القتل المدبر لخاشقجي، طالباً من الرياض الإجابة عن سبب توقيف 18 شخصا لم يتم توجيه أي اتهام لهم حتى الآن.

وتساءل الوزير التركي عن مكان جثة خاشقجي، وكرّر اقتراح الرئيس رجب طيب إردوغان بمحاكمة المتورطين في الجريمة أمام القضاء التركي.

ماكرون وماي

في السياق، أفاد قصر الإليزيه بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالا هاتفياً، مساء أمس الأول، بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بشأن قضية خاشقجي. وأضاف الإليزيه، في بيان، أن ماكرون أعرب عن «سخطه العميق إزاء عملية القتل، وطالب الملك بأن يلقى كل الضوء على الملابسات التي أفضت إلى هذه المآساة».

وأوضح البيان أن فرنسا لن تتردد في فرض عقوبات دولية على المسؤولين عن عملية القتل، وذلك بالتنسيق مع حلفائها.

واستبعدت فرنسا فرض أي قيود على صادرات السلاح الى المملكة، بينما رفضت الحكومة الاسبانية بحث هذا الأمر.

في موازاة ذلك، شددت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، خلال مكالمة هاتفية مع الملك سلمان، على ضرورة التعاون بين الرياض وتركيا.

وأفاد الناطق باسم داونينغ ستريت، في بيان، عقب المكالمة الهاتفية: «قالت رئيسة الحكومة إن التفسير الحالي يفتقر إلى المصداقية، لذلك هناك حاجة ملحة لتحديد ما حدث بالضبط».

من جانب آخر، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن الشرطة الاتحادية أوقفت في الوقت الحاضر تدريبات لحرس الحدود السعودي. وأفادت الوزارة أمس: «منذ أكتوبر الحالي لا تجري أي تدريبات».

هيكلة الاستخبارات

في السياق، ترأس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أمس، الاجتماع الأول للجنة إعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة، التي أمر بتشكيلها العاهل السعودي السبت الماضي.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية (واس) أن «اللجنة استعرضت خطة الإصلاح، بما في ذلك تقييم الوضع الراهن، في ضوء أفضل الممارسات وتحديد الفجوات، خاصةً فيما يتعلق بالهيكل التنظيمي لرئاسة الاستخبارات العامة، والأطر القانونية والأنظمة المعمول بها، والسياسات والإجراءات والحوكمة، وآليات الاستقطاب والتأهيل».

وأشارت الوكالة إلى أن «اللجنة اتخذت التوصيات اللازمة حيال ذلك، وستواصل اجتماعاتها لحين استكمال أعمالها».

وكان العاهل السعودي أصدر مطلع الأسبوع أمرا بتشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد، لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها. كما أصدر الملك أوامر بإعفاء وإنهاء خدمة مسؤولين بارزين بالاستخبارات العامة بالتزامن مع إقرار المملكة بـ«وفاة» الصحافي المعارض في قنصليتها.