صفقة القرن... النموذج الكويتي!
صفقة القرن مشروع عالمي لتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية ومعالمها واستحقاقاتها، إلا أنها فشلت وأجهضت قبل مولدها، ولكن ما نراه اليوم في العلاقة بين مجموعة من النواب والحكومة يعيد إلى الأذهان فكرة صفقة القرن، وما تتضمنه من تنازلات، انتهاءً بالاستعداد لبيع القضية التي تبنتها المعارضة التي قادت الحراك السياسي في عام 2011، وحصدت مقاعد مجلس 2012 بفضلها.هذه الصفقة التي تحمل الحلقة رقم (2) تحوم حول المخرج للاستجواب المرتقب لرئيس مجلس الوزراء مع افتتاح دور الانعقاد القادم لمجلس الأمة، في سيناريو مشابه للاستجواب السابق لسمو الرئيس نفسه في العام الماضي، وتتمثل بتمرير الاستجواب بأقل الأضرار مقابل استرجاع بعض الجناسي المسحوبة والعفو عن الأحكام القضائية الخاصة بدخول أو اقتحام المجلس.
إن ما يؤخذ على هذا النوع من الصفقات هو ثمنها الرخيص والتبرؤ من جميع الشعارات التي بانت إما أنها زائفة أو أنها كانت أكبر من حجم رافعي رايتها في حينه، وإلا فإن التفاوض مع الحكومة شأن سياسي يتبع في مختلف الأنظمة الحاكمة، ولكن عادة ما يتمحور حول قضايا وطنية تتعلق بالمصلحة العامة للوطن والمواطنين، ولكن أطراف الصفقة الجديدة ضربوا عرض الحائط بمشروع المصالحة الوطنية أو العفو الشامل أو الإصرار على حل ملفات الفساد المخزية، واهتموا بمصالحهم الخاصة والضيقة جداً من باب «يا الله نفسي».استخدام سلاح سحب الجناسي من قبل الحكومة أمر مشين ومستنكر، وقد رفضناه في حينه، وحذرنا أن التطبيل له ضد الخصوم قد يقلب السحر على الساحر، ويلقى الشامتون مصير من شمتوا بهم، وهذا ما حصل بالضبط، ولكن الأسوأ من ذلك هو تمكين الحكومة من اللعب بهذه الورقة ومجاراتها في مقابل تقديم التنازلات عن المبادئ التي قد تهدد أصل الديمقراطية وممارساتها وأهدافها الشعبية، وهذا ما حصل بالضبط أيضاً.وإذا كانت المعلومات بأن قرار عودة بعض الجناسي، ولو بـ«القطّارة»، لم يكن نتيجة لبحث وتدقيق اللجنة التي تم تشكيلها برئاسة الأخ علي الراشد، فهذا يؤكد فكرة الصفقة، مما يعني أن كل ملفات الفساد بدءاً بالإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية والشبهات في القطاع النفطي والتأمينات الاجتماعية، وأصول صناديق الاستثمار ومشروع المطار، وانتهاءً بفضيحة الضيافة في وزارة الداخلية سوف تكون في «الباي باي»، كما سيبقى الشباب من المغردين أو من هم وراء القضبان أو تحت الملاحقة دون ناصر ينصرهم.البعض يقول إن مثل هذه الأحداث كفيلة بتعرية المتشدقين بالمبادئ ومن استعرضوا العضلات والبطولة، ولكن إلى متى تستمر سلسلة التعري، فقد تحولت ساحتنا إلى شاطئ كبير للعراة السياسيين؟!