مباركة الجائزة الجديدة لفيلم «غداء العيد»، ما تفاصيل الجوائز التي حصدها حتى الآن؟

Ad

بعدما شارك الفيلم في 14 مهرجاناً سينمائياً، حصد خمس جوائز تكريمية حتّى الآن، وهو لا يزال مستمرّاً في جولته حول العالم. لا شك في أن هذه الجوائز منحته صدى عالمياً أوسع. يكون تسويق الفيلم المستقلّ صعباً عادة إلا إذا حقق مساره، تماماً كما حصل مع «غداء العيد»، الذي يتلقى دعوات للمشاركة في المهرجانات السينمائية.

ما الذي مهّد إزاء هذا التسويق العالمي؟

فوز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم في دبي المعروفة عالمياً، ولّد فضولاً لدى الجمهور لمشاهدته، فدعي على أثر ذلك للمشاركة في مهرجانات عالمية. يحكي الفيلم عن العائلة من منطلق إنساني أولاً واجتماعي وسياسي ثانياً، ولأن موضوع العائلة إنساني، فأي مشاهد في أي بلد حول العالم يتماهى معه وإن كانت هذه العائلة ذات خصوصية لبنانية. وذلك أن الفيلم يصوّر الرابط الحقيقي الذي يجمع أفرادها، والذي قد يكون موجوداً في أي مكان وزمان. وهو في الوقت نفسه خاص وحميم. هذه النظرة الحميمية الموجودة بين جدران البيت تؤثر عاطفياً في المشاهد فيتفاعل معها بطريقة خاصة.

اهتمام غربي

يحكي الفيلم عن تأثير المشكلات السياسية اللبنانية في العلاقة بين أفراد العائلة، فلمَ يكترث الغرب بموضوع مماثل؟

رغم اختلاف الثقافة والتاريخ بين الشرق والغرب، فإن الشعور العائلي والإنساني هو نفسه في كل مكان وزمان، وهذا هو التعليق الذي أسمعه هناك تجاه الفيلم حيث يستغرب الجمهور الغربي الشبه بينه وبين هذه العائلة المختلفة عن مجتمعه.

أين شارك الفيلم أخيراً؟

عُرض في مهرجانات سينمائية عدّة، وما زلت أتلقى اتصالات للمشاركة في مهرجانات مقبلة. شارك أخيراً في إسبانيا وواشنطن والقاهرة، ويبدو أن مساره لم ينته بعد. إنه أمر مثير للاهتمام طبعاً، لأن الأفلام تلفت النظر عادة في انطلاقتها، إنما مسار هذا الفيلم مختلف وهو يفاجئ الجمهور، خصوصاً أنه مستقل وخاص وحميم.

رغم تنفيذ الفيلم بإنتاج متواضع فإنه حظي باهتمام عالمي فيما بعض الإنتاجات الضخمة لا يجد سوقه خارجاً، علام يدلّ هذا الأمر؟

لا علاقة للإنتاج في التسويق، لأن القصة والأداء هما أساس نجاح أي عمل. تتحكم الأموال المخصصة لتنفيذ أي فيلم بمساره وتقرر عناصره مثل القصة والموضوع والأبطال. أما «غداء العيد» فمستقلّ وحرّ فنياً، لهذا السبب نراه غريباً ذا هوية خاصة، وشجاعة في أسلوب المعالجة.

موضوع إنساني

لماذا اخترت موضوع «غداء العيد»؟

عندما يعي أي لبناني واقع حياته في وطنه، يرى أن ثمة أمراً مريباً، بسبب التشنجات والحروب والإشكالات والمشكلات الاجتماعية والسياسية، فيحاول أن يفهم الأسباب والواقع. فيجد أحياناً إجابات عن تساؤلاته وأحياناً أخرى لا يجد. شخصياً، أحببت أن أفهم البلد في المطلق والمجتمع وأفهم من المؤسسة الأولى التي هي العائلة لماذا يراوح مجتمعنا مكانه.

من جهة أخرى، غياب وجود كتاب تاريخ موّحد وشامل في لبنان وضعنا إزاء تواريخ مختلفة وحقائق مختلفة تملكها الطوائف والإنتماءات ونتجادل حولها. لذا من البديهي أن تكون لكل عائلة نظرتها الخاصة تجاه تاريخ الوطن، انطلاقاً من انتماءاتها الاجتماعية والسياسية. فكيف سيتحقق إذاً الحوار البنّاء؟ تكمن المشكلة في أن اللبنانيين لا يعرفون حقائق تاريخهم بشكل موضوعي بعيداً من المحسوبيات الطائفية والسياسية.

ثمة مواضيع اجتماعية وإنسانية كثيرة تستحقّ تصويرها في فيلم سينمائي إنما يبقى الاهتمام أكثر بالأفلام التجارية الضخمة، ما السبب؟

يحدِّد المنتج المموّل للفيلم الشروط ومن ضمنها الأبطال والموضوع والهوية، فيتحكّم المنطق التجاري بالفيلم بهدف الكسب المادي. تنجح التركيبة أحياناً وتفشل أحياناً أخرى رغم الكلفة المرتفعة، بسبب الذوق الجماهيري العام. شخصياً، اخترت الممثلين المناسبين للأدوار كوني أتمتع بالحرية الفنية لانتقاء من أريد في التنفيذ، خصوصاً أن عملي مستقل ولا يخضع للمنطق التجاري.

عمّا يبحث الغرب في الأفلام اللبنانية؟

يبحث الغرب عن مواضيع جديدة مختلفة عن مواضيعه بهدف التجدد والتغيير.

تشارك في المهرجانات العالمية بهويتك الشخصية والمهنية أم بهويتك الوطنية؟

لا أمثّل الدولة اللبنانية أو مؤسساتها الرسمية أو الطبقة الحاكمة التي أختلف شخصياً معها، بل الشعب اللبناني الذي أشاركه يومياتي ونضالي.

فريق العمل

لماذا اخترت ممثلين مبتدئين غير معروفين بدلاً من نجوم؟

إنها التجربة التمثيلية الأولى بالنسبة إلى بعض الممثلين فيما يملك بعض آخر خبرة في الأداء المسرحي. اخترتهم لأنني أردت أن ينسجم الجمهور اللبناني مع هذه العائلة من دون التأثر بهوية الممثلين، فيصدّقها أكثر ويتفاعل مع أحداث الفيلم. من جهة أخرى، أرى أن ثمة مواهب ضائعة لم تجد فرصتها بعد، أرغب في تسليط الضوء عليها ومنحها الفرصة المناسبة، مثلما حصل معي شخصياً عندما تسنّت لي الفرصة لدخول عالم شغفي الأكبر.

إنها طريقة تسلّط الضوء على اسمك بدلاً من أسماء الأبطال.

لا يمكنني اختزال جهود كل فريق العمل حتى لو كنت صاحب الفكرة والنص والإخراج. هذا الفيلم هو كل شخص شارك بصناعته. لذا أفرح حين أجد فريق عمل مماثل متحمّساً للعمل بشغف، ما يجعله مميزّاً نظراً إلى الطاقة التي يمنحها هؤلاء الممثلون.

مسؤولية كبيرة

حصدت حتى الآن مجموعة كبيرة من الجوائز، فهل تشعر بمسؤولية تجاه تقديم أعمال عند هذا المستوى دائماً؟

لكل عمل حياته الخاصة ومخاطره. صحيح أنني أسعى شخصياً إلى تقديم عمل على مقدار توقعات الناس أو المتخصصين في هذا المجال. لست مخيّراً في موضوع صناعة الأفلام، بل مسيّر لأنه ليس لديّ عمل آخر أقوم به.

مخرج مسرحي ولكن السينما أوصلتك إلى العالمية، فهل ستترك المسرح جانباً؟

المسرح والسينما متوازيان بالنسبة إليّ يختلفان بطريقة التنفيذ فقط. لديهما الهدف نفسه والموضوع المعالج مسرحياً يمكن غالباً معالجته سينمائياً، إنما التنقّل بفيلم سينمائي لتسويقه في دول مختلفة أهون لوجستياً بكثير من التنقّل بالمسرحية وفريق العمل.

ألا ترى أن الثقة بين الجمهور اللبناني وبين المسرح مفقودة؟

ثقافة المسرح والسينما غائبة في نظامنا التعليمي، على عكس ما يحصل في الخارج حيث يولون أهمية للتثقيف الفنّي في المدرسة. يجب التمهيد من صفوف الدراسة ليكتسب الجيل الصاعد ثقافة فنيّة تجعله يولي أهمية للفنون ويتذوّقها ويستمتع بها.

تطوّر الصناعة ومشاريع مقبلة

لتحقيق الصناعتين الدرامية والسينمائية في لبنان تطوراً مهماً، في ظل عجز مؤسسات الدولة عن دعم نفسها، يوضح لوسيان بورجيلي أنه يجب خلق الطلب الجماهيري أولاً، إذ لا يكفي الدعم على صعيد مؤسسات الدولة من دون دعم اللبنانيين. وثمة مقوّمات للدعم مثل خفض الضرائب وتسهيل القروض، وتأجير أستديوهات بكلفة منخفضة. وإذا تطوّرت الصناعة السينمائية في لبنان تحوّلت إلى استثمار مربح، فتصبح باباً لترويج السياحة ويكون المردود المادي على الوطن أكبر من كلفة الإنتاج».

وحول خططه المستقبلية بعد انتهاء جولة «غداء العيد» عالمياً يقول بورجيلي: ثمة مشروعان يسيران بتوازٍ، مشروع سينمائي وآخر مسرحي، وأي منهما ينتهي بينهما أسرع أنفذّه».